الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحج عن الغير

الحج عن الغير

الحج عن الغير

شريعة الإسلام شريعة يُسْر لا تعقيد فيها ، شريعة الوسطية في الأمور كلها ، فقد جاءت ببيان ما تصلح به أحوال العباد في الدنيا والآخرة على أتم الوجوه وأكملها ، فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو و لا تشديد ، وإنما الاعتدال والتوازن ، والرفق والقصد في الأحكام كلها.

ومن وجوه الرفق والقصد في هذه الشريعة أنها راعت ظروف المُكَلَّفين وأحوالهم ، فشرعت لهم من الأحكام ما يستجيب لظروفهم وأحوالهم ، بل إنها فوق ذلك ، راعت همم المكلفين ، ولاحظت أن تلك الهمم ليست متساوية ، وأن نشاطها للأمر يختلف من حال إلى حال ، ومن مُكَلَّف لآخر.

والنيابة في الحج جزء من سُنن هذه الشريعة ، جعلها الله مخرجاً لعباده الذين عجزوا عن أداء فريضة الحج لسبب أوْ لآخر ، وفي هذه العجالة نحاول أن نذكر أهم الأحكام المتعلقة بمسألة النيابة.

مشروعية النيابة في الحج :

دلت الأحاديث على مشروعية النيابة في حج الفريضة ، منها حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة ، فقال : من شبرمة ؟ قال : أخ لي أو قريب لي ، قال : حججت عن نفسك ؟ ، قال : لا ، قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) رواه أبو داود و ابن ماجه ، وقال ابن حجر في الفتح: سنده صحيح ، والحديث صريح في جواز النيابة في الحج .

شروط صحة الإنابة في الحج :

لا بد لصحة العبادات الشرعية من أن تستوفي شروطاً معينة ، وإلا لم تكن صحيحة. والنيابة في الحج من هذا القبيل فلا بد لصحتها من مراعاة شروط معينة ، بعضها يتعلق بالمنيب وبعضها يتعلق بالنائب وفيما يلي بيان ذلك :

الشرط الأول: أن تكون النيابة عن شخص عاجز عن أداء الفريضة عجزاً مستمراً لا يُرْجَى زواله لمرض أو كِبَر ، أو تكون عمن مات وقد وجب عليه الحج لتمكنه من أدائه فلم يحج، أما دليل النيابة في الحج عن العاجز عجزاً مستمراً فهو أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ فقال : نعم) متفق عليه ، ودليل النيابة في الحج بعد الموت ، ما رواه مسلم عن بريدة أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت: ( يا رسول الله إن أمي ماتت ولم تحج ؟ قال : حجي عن أمك ) .

الشرط الثاني: أن يكون النائب ممن يجزئه حج الفرض لو حج عن نفسه، فلو أناب عاجز عن الحج صبياً لم يجزئه، لأن الصبي لو حج لم يسقط عنه فرض الحج .

الشرط الثالث: أن يكون النائب قد حج عن نفسه أولاً ، فإن لم يكن قد فعل فلا تصح نيابته ، وعلى هذا فلو أناب العاجز عن الحج من حج عن نفسه سابقاً صحت النيابة ، ولو أناب العاجز فقيراً صحت نيابته أيضاً ، لسقوط فرض الحج عن الفقير ، ويدل لهذا الشرط حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة ، فقال: (من شبرمة ؟ قال: أخ لي أو قريب لي ، قال: حججت عن نفسك؟ قال : لا ، قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) رواه أبو داود ، وصحح سنده ابن حجر .

ويصح أن ينوب الرجل في حج الفريضة عن المرأة والعكس لحديث ابن عباس رضي الله عنهما ( أن امرأة قالت : يا رسول الله إن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : نعم ) متفق عليه ، فأذن الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تحج عن أبيها. هذا ما يتعلّق بأحكام الحج عن الغير ، والله الموفق .

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة

لا يوجد مواد ذات صلة