الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رحيل الشيخ جميل حمّامي

رحيل الشيخ جميل حمّامي

 رحيل الشيخ جميل حمّامي

بعد صراع مع مرض السرطان الذي اشتد عليه في الأشهر الأخيرة، تُوفي ظهر يوم الأحد 11/9/2023 الشيخ المقدسي جميل عبد الرحيم حمّامي "أبو حمزة"، وصُلّي عليه في المسجد الأقصى الذي أداره، وشيعه آلاف المقدسيين الذي تخرجوا في مدرسته، ودُفن في مقبرة باب الرحمة التي نافح عنها، كسائر مقدسات القدس لنحو نصف قرن.
ولد الشيخ جميل حمامي في مدينة معان جنوب الأردن في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1952 لعائلة تمتد جذورها إلى مدينة نابلس شمالي فلسطين، ثم انتقلت عائلته وعمره عام إلى مدينة القدس، التي نشأ ومات فيها، بعد أن ترك أثره في حجارتها وأهلها، حيث كان من أبرز مؤسسي ومديري جمعية لجنة العلوم والثقافة الإسلامية في 1984، التي انبثقت عنها مدارس الإيمان الإسلامية الخاصة، التي تعدّ إحدى المدارس البارزة في القدس.
من الأقصى وإليه
تلقّى الشيخ المقدسي تعليمه في مدارس القدس، وتخرج في ثانوية الأقصى الشرعية، حيث شهد له مدير مدرسته -آنذاك- الشيخ عكرمة صبري بنجابته وتميزه، ثم ابتُعث لاستكمال التعليم العالي في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في مصر، حيث عاد بعد تخرجه إلى القدس، ليعمل مدرسا في مدرسته نفسها داخل المسجد الأقصى.

مرت السنوات ليتقاطع طريق جميل مع شيخه عكرمة صبري، حيث شغل الراحل منصب أمين سر الهيئة الإسلامية العليا، التي كان عكرمة رئيسها.

"هواء المسجد الأقصى مميز حتى أكثر من هواء مدينة القدس"، هذا ما قاله الشيخ جميل حمامي في أحد لقاءاته الإعلامية، معبّرا عن علاقته الوطيدة بالمسجد، بدءا من دراسته وتدريسه في إحدى مدارسه، مرورا بتأسيسه دار الحديث في المسجد عام 1979، وليس انتهاء بإدارته الأقصى عام 1982 ولمدة 3 سنوات، حيث كان أول مدير للمسجد منذ احتلاله في 1967.
عطاء تجاوز القدس
لم يقتصر نشاط الشيخ جميل على نطاق القدس، بل امتد إلى الضفة الغربية التي عمل في أحد مساجدها ببلدة بيرزيت إماما وخطيبا بعد تخرجه، ثم واعظا متجولا في مدينة رام الله، كما شغل منصب مدير الأملاك الوقفية في الضفة الغربية، ثم مديرا لدائرة أوقاف بيت لحم حتى 1987.

لم ينقطع الشيخ عن الحياة العلمية، فنال في نهاية تسعينيات القرن الماضي درجة الماجستير من جامعة القدس عن رسالته "أسلحة الدمار الشامل وموقف الإسلام منها"، ثم درجة الدكتوراه عن رسالته "زيارة القدس والأقصى في ظل الاحتلال على ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية"، كما عمل مدرسا ومحاضرا في الجامعة ذاتها ببلدة أبوديس شرقي القدس المحتلة، إلى جانب عمله مساعدا لمدير كلية الدراسات الإسلامية في القدس.
أبو المقدسيين
تزوج الشيخ جميل حمّامي في 1979 وأنجب 3 ذكور و5 إناث، وأصبح جدًّا لأكثر من 22 حفيدا، وأبا معنويا لآلاف الأطفال المقدسيين، الذين درسوا في مدارس الإيمان الإسلامية، التي كان حجر أساس فيها حتى وفاته، وحارب ضد دخول المنهاج الإسرائيلي والمحرف إليها.
اهتم الشيخ بالدعوة، فكان أحد مؤسسي الحركة الإسلامية في القدس، وأشرف على فعاليات سنوية لإحياء الحديث الشريف، ومعارض كتب ثقافية، وشارك في ندوات ومؤتمرات عالمية حول المدينة المقدسة. كما ألّف عددا من الكتب؛ أبرزها: "الوجيز في علم مصطلح الحديث"، و"الحركة الإسلامية بعد أوسلو".
لذلك يقول المقدسيون: إن رحيل الشيخ جميل حمّامي ترك ثغرة في حصن التربية والتعليم والدعوة في القدس.
أسْر وتضييق
أصابت تضييقات الاحتلال الشيخ جميل حمامي، فتعرض للاعتقال أول مرة بتهمة المشاركة في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومكث في السجن 18 شهرا، ثم اعتقل بعدها لمدة 20 شهرا، بتهمة التنسيق بين الفصائل والإسهام في توقيع وثيقة الشرف بين حركتي فتح وحماس، ثم اعتقل أخيرا لمدة 6 أشهر بتهمة التحريض ضد الاحتلال، ولم يسْلَم -أيضا- من استدعاءات التحقيق المتكررة، وقرارات منع السفر، ومنع الدخول إلى الضفة الغربية.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة