الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج بزميلتي ولكن تنقصني الإمكانيات، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أتمنى منكم أن ترشدوني إلى الصواب في أمري.

أنا طالب في السنة النهائية من الدراسة الجامعية، وسأتخرج -بإذن الله- بعد أقل من شهرين، وأنا معجب بفتاة أصغر مني بسنة، وهي نفس تخصصي، فهي تتوافر فيها صفات الزوجة الصالحة، وأنا -الحمد لله- لدي من المهارات ما يؤهلني للعمل في أفضل الأماكن، ولكني لا أملك أي شيء غير تعليمي، ولا أعرف موقفي من الخدمة العسكرية والتي من المؤكد أن تكون ثلاث سنوات بسبب تخصصي، وأهلي لن يستطيعوا دعمي بالمال.

أنا محتار، ولا أعرف ماذا أفعل؟ لا أستطيع الدخول من الباب، وديني وأخلاقي يمنعانني من أي طريق غير ذلك، وصراحة أنا أحببت هذه الفتاة، ولكني جاهدت نفسي طوال الدراسة لكي لا أفعل ما يغضب الله، ما عدا القليل من النظرات، أدعو الله أن يغفرها لي، فبالله عليكم أرشدوني.

أنا إنسان ملتزم ومثقف ولي طموحات كبيرة جداً، أما والداي فهما غير متعلمين، وغالبية عائلتي على هذا المنوال، وأهل هذه الفتاة أغلبيتهم متعلمون وموظفون، فأنا أجد حرجاً في هذا، فأنا لا أريد أن أظلم أهلي الذين أعتز بهم وأفتخر، فهل هذا لا بد أن أضعه في الاعتبار عند اختيار الزوجة؟

قبل أن تظهر هذه الفتاة في حياتي كان كل همي أن أتفوق وأنجح، لكي أخدم ديني، أما الآن فأصبح كل همي أن أظفر بهذه الفتاة، وأسعى لاكتساب المهارات لكي أجد عملاً بسرعة من أجل هذا الهدف، فهل أنا آثم من هذا التفكير؟ رغم أني لم أرتكب منكراً غير التفكير فيها، وكنت دائماً أجاهد نفسي.

آسف جداً على الإطالة، فأنا لا أجيد الكتابة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد أحسنت -أيها الأخ الحبيب- بتعففك عن الحرام، وكن على ثقة بأن تقوى الله تعالى سبب لكل خير، فقد قال جل شأنه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب}، ونحن ابتداء نقول إننا ندرك مدى تعلقك بهذه الفتاة، ورغبتك في أن تكون زوجة لك، ندرك هذا من خلال ما كتبت، ولكننا ننصحك أن لا تبالغ في هذا الحرص وهذا التعلق، فإنك لا تدري هل الخير لك فيها أو في غيرها، فما أجمل أن تفوض الاختيار لله تعالى، ليختار لك ما هو خير، فإنه سبحانه يعلم وأنت لا تعلم، وكم من إنسان قد سبقك في هذا الطريق، ولما تزوج بمن كان يظنها بوابة سعادته، إذ به يدخل حياة الشقاء من أوسع أبوابها، ولذا فنصيحتنا لك أولاً أن تذكر نفسك دائماً بهذا المعنى العظيم، وبه ستجد كل الحياة حلوة وجميلة.

ونصيحتنا ثانياً -أيها الحبيب- أن تقف موقفاً جاداً حيال تعلقك بهذه الفتاة، حتى تخلص نفسك من الوهم وتتجه نحو ما ينفعك، فإن حياة الإنسان في ظل الأماني الباطلة تدمير لحياته ومواهبه وتعطيل لقدراته ومستقبله؛ ولذلك نتمنى أن تكون جاداً في اتخاذ القرار المناسب والعمل بمقتضاه، والقرار المناسب من وجهة نظرنا أن تطرح الموضوع على والديك وتصارحهما بحبك لهذه الفتاة وتعلقك بها، ليساعداك على التقدم لخطبتها وإخبار أهلها بظروفك الحالية، وتخبرهم بأنك ستسعى للاستعداد للزواج بعد توظفك، فإن كان الله عز وجل قد أراد لك أن تتزوجها فإنه سييسر لك أسباب القبول، وإلا فكن على يقين بأن ما يختاره الله لك أفضل مما تختاره أنت لنفسك، فاصرف قلبك عن التفكير في هذه الفتاة، فإنه لا فائدة من التفكير في ما لا تقدر على الوصول إليه، واستحضارك لليأس من هذه الفتاة هو أنفع علاج يقطع عن قلبك تعلقه بها، فإن النفوس إذا يئست من شيء انصرفت عنه إلى غيره.

وننصحك -أيها الحبيب- بأن تصرف نفسك عن تذكر محاسن هذه البنت والتفكر فيها، فإن ذلك التفكر يزيد من تعلق القلب بها، بل العلاج الناجع إذا كنت حريصاً على مداواة قلبك ومساعدة نفسك للتخلص من هذا التعلق، هو بتذكر المساوئ والقبائح؛ ولذلك يقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (إذا أعجبتك امرأة فتذكر مثانتها).

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان وييسر لك الأمر، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً