الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تواصلت مع شاب يحادث أختي لأثبت لها بأنه عابث، فهل فعلي صحيح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو منكم المساعدة.

أختي أكبر مني بثلاث سنوات، وهي ترتاد الجامعة، قبل عدة أيام استطعت فتح الرقم السري لجوالها؛ لأنها كانت تفتحه أمامي، ومن باب الاستطلاع دخلت إلى الرسائل الخاصة بها، فاكتشفت محادثة غريبة، وعندما قرأتها أيقنت أنها تتحدث مع شاب!

مع العلم أنها مخطوبة قبل أربعة أشهر تقريباً، ولكن الصدمة كانت قوية؛ لأنها متعلقة تقريباً بخطيبها، ولم أشك في لحظة أنها لا تريده، وعندما قرأت أكثر في رسائل هذا الشاب عرفت أنه يعرف صديقتها أيضاً، وأن صديقتها تعرفت عليها في الجامعة قبل سنة، ولكن أتساءل إذا كانت صديقتها هي التي عرفتهم على بعض؟!

مع العلم أن صديقتها أيضاً مخطوبة، وزواجها قريب، ورأيت بعض الصور المتبادلة بينهم فأصابني الذعر، لا أستطيع إخبار أمي وأبي أو أحد إخوتي أو أخواتي؛ لأني لا أستطيع تحمل نظراتهم الغريبة لها، أريد فقط نصحي في كيفية كتابة رسالة لهذا الشاب أو لأختي؛ لأني استطعت حفظ رقم الشاب لعلي أساعدها قبل خسران مستقبلها، وقبل عدة ساعات حادثت الشاب بطريقة أني مخطئة في الرقم لكي أجعله يتحدث معي لعدة أسابيع، لكي أثبت لأختي أنه شاب لعوب فقط، فهل فعلي صحيح أم خطأ؟!

وشكراً لمجهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الحرص على مصلحة الأخت.

ونؤكد لك أن هذا الفعل غير صحيح؛ لأنه لا يجوز استدراج الشاب والكلام معه، وماذا تتوقعين من شاب تكلمه فتاة وتحاول أن تتدلل عليه، وتتغنج في كلامها، وتأتي بمعسول الكلام؟ إلا أن ينهار، أو أن يعصمه الكبير المتعال -سبحانه وتعالى- وهذا الأسلوب طبعًا غير صحيح، فمسألة أن نعرض الناس للفتن ثم نقول: (أجرب حتى أثبت لها)، وإذا ثبت هذا، فإن أختك أيضًا لا تقل عنه في مسألة كونها لعوباً، وكونها تكلم، وكونها كونت علاقة، فابدئي أولاً بنصح الأقربين منك، فالأقربون أولى بالمعروف، والله قال: {وأنذر عشيرتك الأقربين}.

حاولي أن تقتربي من أختك أكثر وأكثر، وتنصحيها وتسأليها عن خاطبها، وعن أحوالها وعن رضاها به، ثم بيني لها خطورة ما يحصل من الفتيات ومن الشباب، وتكلمي عن خطورة هذه المواضيع، وأحضري لها مقاطع تتكلم عن المعاكسات أو نحو ذلك من الأمور، يعني عليك أن تبدئي بأختك، أما أن تبدئي مع الشاب بهذه الطريقة لتثبتي لها أنه لعوب وأنه كذا، هذا لا يمكن أن نجد له مسوغاً أو عذراً يُقبل من الناحية الشرعية، فإن هذا يمارسه - بكل أسف - بعض الشباب وبعض الفتيات، يقول: (أريد أن أجرب)، ولكن هذا من المنهج الذي لا يمكن أن يُقبل من الناحية الشرعية، أن نعرض الشاب أو نعرض الفتاة للفتن ثم نقول: (إنها سيئة، وإنه سيئ) ونحن الذين بادرنا، ونحن الذين قدمنا التنازلات!

ولا شك أن ما يحصل غير صحيح حتى لو كانت تفعل ذلك مع الخاطب؛ فإن الخطبة ما هي إلا وعدٌ بالزواج، ولا تُبيح إرسال الصور، ولا التوسع في الأشياء العاطفية؛ فالخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في المكالمات، هذا في الخاطب الذي هو في حكم من سيرتبط رسمياً، فكيف بشاب عابث لا يربطها به أي شيء؟!

وأما بخصوص هذا الخاطب الذي قد خطب أختك، وجاءكم من الباب، وقابل أهلك الأحباب؛ فعليك فقط أن تشجعيها على أن يطوروا هذه العلاقة إلى عقد نكاح رسمي إذا كانوا راغبين، أو يتوقفوا فورًا إذا كانوا غير جادين، فأرجو أن تبدئي بالنصح لأختك في البيت، ولا ننصح أبدًا بالاستعجال في إخبار الأسرة، وأنت أقرب إلى أختك منهم، وهذا سيكون آخر الحلول، ونتمنى ألا تصلي إليه، ونتمنى أن تكوني على تواصل مع الموقع، وتحاولي أن تقتربي منها وتدخلي إلى حياتها، وتسأليها عن هذه الأمور، فإذا اطمأنت إليك وأخبرتك بما عندها وبما يحصل، عند ذلك يمكن نصحها نصحًا مباشرًا بينك وبينها، لأننا لا نأمن تدخل الأهل؛ لأنه أحيانًا يكون قاسيًا جدًّا، وله آثار سالبة، وأحيانًا يكون متهورًا جدًّا وله آثار سالبة، وأحيانًا يكون قاسيًا ثم بعد ذلك يتراخى، وهذا خطير جدًّا، ففي كل الأحوال نحن لا نلجأ ولا ننصح بالرجوع إلى الأهل، وإذا رجعنا فإنه ينبغي أن نرجع وُفق خطة يُتفق عليها.

فتواصلي مع الموقع، وذكرينا بتطورات الموقف، وبما حصل معك ومع أختك التي ينبغي أن تتابعيها لتعرفي حقيقة ما في نفسها تجاه ذلك الخاطب، ونتمنى أن تكون فعلاً خطبة شرعية ومعلنة، تحت سمع الأهل وبصرهم.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً