الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغير زوجي بعد عمله مع نساء متبرجات، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

زوجي محترم وطموح، تزوجنا منذ 15 عاماً، ولدينا 5 أطفال، وهو صامت وقليل الكلام، ومدمن لعمله، لكني تأقلمت مع كل ذلك، ومؤخراً تغيَّر مجال عمله ليعمل مع بنات متبرجات جدًّا، وكل فريق عمله نساء، وله زميلة هو مسؤول عن تعليمها، وكل نقاشهم في العمل معًا يوميًا، من الساعة الثامنة صباحًا إلى الرابعة مساءً، ويرجع إلى البيت السابعة مساءً، مع أن العمل قريب.

أشعرُ بغيرة شديدة مدة عامين، وأحس أنه متغير، وأحس أن علاقتنا مهددة، لا أستطيع أن أعامله كالسابق، من ضحك، وعفوية في التعامل، يوجد في صدري شيء، طلبتُ الطلاق فرفض، وطلبت تغيير عمله فرفض، ونحن من حفظة القرآن، وهو لا يراجع محفوظه، ولا يهتم بأطفالنا، ولا يجلس معنا إلَّا يوم الجمعة فقط بإلحاح مني، ولا يكلمني طول الأسبوع لانشغاله!

أنا أعمل المطلوب مني فقط بدون روح، لكني أغار عليه، ولا أرتاح لهذا الوضع؛ لأنهم في العمل أيضًا ينادون بعضًا بدون ألقاب، مثل أستاذ أو مهندس.

كنت أترجاه لنجلس معًا ولو لعشر دقائق لكنه لا يبالي، فهل هذا ابتلاء؟ أنأ أموت ببطء، وهو لا يبالي؛ لأنه يحب عمله، ومدمن لعمله، ولا يرى غير العمل في حياته! ماذا أفعل؟ إني أدعو الله، وأرجو منكم الدعاء أن يترك هذا العمل، ويؤلف الله بيننا مرة أخرى.

مثال: في أيام حظر كورونا في رمضان كان يعمل من بعد الفجر إلى الساعة الثانية ظهرًا، وينام ثم يستيقظ للعمل، بلا كلام، ولا يقوم عن جهاز الكمبيوتر نهائيًا، وكل الوقت عمل واجتماعات أونلاين، وأنا لا أبالغ.

الآن أحس أنه لا يحبني، وتعبت ولا أتحمل انشغاله عني، مع تقديري له، ولكن لا أتحمل عمله مع نساء متبرجات طول اليوم، فماذا أفعل حتى أرتاح؟

الله يرضى عنكم أسألكم الدعاء، وأرجو الحكم بيننا، هل أصر على تركه لهذا العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mona حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يؤلِّف القلوب، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.

طبعًا نحن لا نؤيد فكرة ترك هذا الزوج الطموح المحترم - الذي ينشغل بعمله - لأجل هذا الذي يحدث، ولكن لا مانع من أن ندعوه إلى تحسين ظروف العمل، والاهتمام بعائلته وأسرته، وأحب أن أؤكد له أن الوقت النوعي هو المطلوب، يعني حتى الدقائق التي يكون معكم فيها ينبغي أن يُحسن استثمارها، والأبناء أيضًا بحاجة شديدة إلى والدهم، ولا يمكن أن تستقيم – حتى أمور تربية الأبناء – إلَّا بحضور هذا الأب وتخصيص وقت لهم.

نحب أن نؤكد أن الإدمان على العمل والنجاح فيه وإعطائه أكبر من وقته، لا بد أنه سيكون خصمًا من سعادة الأسرة، ولذلك نتمنَّى أن يتواصل معنا هذا الزوج، أرجو أن تتواصلوا حتى تصلكم بعض المواد المهمة، التي تتكلَّم عن ضرورة ألَّا يكون نجاح العمل على حساب الأسرة، أو نجاح الأسرة على حساب الوظيفة التي يكسب بها الإنسان عيشه.

أمَّا بالنسبة لوجوده في هذه البيئة التي فيها متبرِّجات؛ فعليه دينًيا أن يسعى إلى بيئة أفضل، يبحث عن بيئة أحسن من هذا في العمل، ويبدو أنه مسؤول، وحبذا لو نجح في أن ينصح لهؤلاء النسوة بأن يلتزمن الحجاب، والواضح أنه يضع لنفسه حدوداً ولا يهتمَّ إلَّا بالعمل، لكن نحن نريد أن نقول: هناك شرع ينبغي أن يتبعه الناس، وقواعد ينبغي أن يُراعيها الإنسان، والإنسان المسؤول مسؤول عن نصح مَن هم تحته.

حتى لو فرضنا أن فيهنَّ غير مسلمات؛ فإن المسيحيَّة والأديان لا تُبيح التبرُّج كما يفهم بعض الناس، بل التبرُّج محرَّمٌ في سائر الأديان التي أنزلها الله تبارك وتعالى، ولكن نُكرر دعوتنا لك بأن تصبري، وتحاولي أن تتأقلمي وتتكيفي مع الوضع، وتكوني عونًا لزوجك، ولا نرضى حرمانه من حقوقه الشرعية لأجل ما يحدث منه، ولأجل بيئة العمل التي تُزعجك، فقومي بما عليك، واجتهدي في القُرب من زوجك والدخول إلى حياته، واستفيدي واغتنمي اللحظات التي يكون معك فيها.

اعلمي أنك صاحبة الفضل، وأنك أُمَ العيال، وأنك حبه الأول، وأنك زوجته بالحلال، فلا تُضيعي هذه الفرص بحيث تجعلي بيتك جحيمًا، وهذا سيدعو الزوج إلى مزيد من الهروب ومزيد من النفور، وهذا لن يكون في المصلحة.

نحن نريد أن نقول: حتى لو حصل من الزوج تقصير فما ينبغي أن تقابلي تقصيره بالتقصير، لأن الذي يُحاسبُ الأزواج هو السميع البصير، والعلاقة الزوجية طاعة لربِّ البريَّة، فتقصير الزوج لا يُبيح لك التقصير، فقومي بما عليك، واجتهدي في أن توفِّري له البيئة المُريحة في اللحظات والدقائق المُتاحة، وعليه أن يغتنم الدقائق المتاحة فعلاً في التقرُّب إلى أسرته والسؤال عن عياله، وتخصيص وقت لهم.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وسنسعد جدًّا إذا تواصل مع الموقع وكتب ما في نفسه، حتى يسمع النصيحة المباشرة من إخوانه من الرجال، ونسأل الله لنا ولكم الثبات والخير، وحافظي على أسرتك، وحافظي على أبنائك، واشغلي نفسك بطاعة الله ثم برعاية هؤلاء الصغار.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً