الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوجت بعد استخارة وارتياح لزوجتي ولكن حدثت مشاكل، فما سبب ذلك؟

السؤال

أصلي الاستخارة في أغلب أمور حياتي، كان آخرها بخصوص الزواج، وكانت نتيجة صلاة الاستخارة مائة بالمائة صحيحة؛ حتى إنها في بعض الأوقات كانت مبالغًا فيها، بمعنى أنها واضحة وجلية، وبالفعل يسر الله لنا الزواج كل اليسر، والحمد لله.

لكن بعد شهرين من الزواج ظهرت مشاكل قوية بيني وبين زوجتي، فهي تريد الطلاق لأسباب غير منطقية بشهادة الجميع، والسبب تأثير والدتها عليها.

الآن وأنا على مشارف الذهاب إلى القضاء، لا أفكر إلا في صلاة الاستخارة، وكيف كانت نتائجها كلها في صالح هذا الزواج، وأصبح ينتابني شعور شك في صلاة الاستخارة، وأنا خائف من هذا الشعور بالشك، بالله عليكم أفيدوني؛ لأنني أمر بضائقة نفسية كبيرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، قد أحسنت أيها الحبيب وأصبت حين توجهت إلى ربك باستخارته وسؤاله أن يختار لك خير الأمور، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونتيجة الاستخارة -أيها الحبيب- مضمونة يعني أن ما يقدره الله تعالى بعد الاستخارة لعله هو الذي اختاره الله تعالى لهذا الإنسان، فالاستخارة عبارة عن دعاء وسؤال أن يختار الله تعالى لك أحب الأمرين، أو خير الأمرين، فما يقدره الله تعالى بعد ذلك يرجى أن يكون هو الذي قد اختاره الله لك.

فإذا كان الله تعالى قد قدر لك الزواج بهذه المرأة، فلعله هو الخير، ولكن إذا ظهرت أمور مغايرة لذلك، فكل قدر يقدره الله تعالى لك هو الخير، وأنت مأمور بالأخذ بالأسباب المشروعة، لما يظن أنه صلاح وخير ديني أو دنيوي، كما قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز".

فما دام الزواج قد حصل، فهذا خير، وأنت سعيت فيما ينبغي أن تسعى فيه، وحرصت على ما ينبغي أن تحرص عليه، وإذا عرضت أمور تقتضي الطلاق، فمقتضى النصيحة النبوية أن تحرص على دفع هذه الأسباب المؤدية إلى الطلاق، ومحاولة معالجتها بكل ما أمكن من الوسائل، من محاولة الإصلاح بينك وبين زوجتك، ومن استعمال الوساطات النافعة التي تريد الإصلاح كما قال الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ ).. فالأخذ بأسباب الإصلاح بين الزوجين في هذه المرحلة هو مقتضى التوجيه النبوي بالحرص على الشيء النافع، والحرص على الإصلاح بين الزوجين، كما أرشد إلى ذلك القرآن في غير موضع.

فإذا قدر الله تعالى الفراق بعد كل هذه الأسباب، فاعلم أنه سبحانه وتعالى لا يقدر لك إلا ما هو خير لك، وإن كان هذا القدر مؤلماً ومزعجاً لك، فقد قال الله في كتابه الكريم: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ ).. فلا ينبغي إذاً أن تمر بضائقة نفسية بسبب هذه الأقدار المؤلمة، ففوض الأمور إلى الله، واعلم أن كل شيء قد كتبه الله تعالى قبل أن تخلق، كما قال الله سبحانه وتعالى في أواخر سورة الحديد: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ..)، ثم بين سبحانه وتعالى ثمرة هذه العقيدة، وهذا الإيمان، حينما نؤمن بأن كل شيء قد كتب قبل أن نخلق، قال سبحانه وتعالى: (لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ). فحينها يدرك الإنسان أنه ليس من الصواب أن يقطع نفسه حسرات لشيء قد كتبه الله تعالى قبل أن يخلق، فالإيمان بقضاء الله تعالى وقدره جنة الله تعالى العاجلة، فاعلم أن الله سبحانه وتعالى أرشدك للأخذ بأسباب المصالح والمنافع، ولكنه إذا قدر عليك خلاف ذلك بعد أخذك بهذه الأسباب؛ فإنه لن يقدر عليك إلا الخير، وقد قال الله في كتابه: (الله لطيف بعباده).

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً