الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي اكتئاب منذ سنوات وصرت منفصلةً عن الواقع، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

بعد الذي تعرضت له من صدمات منذ طفولتي وحتى قبل زواجي، وفي عمر ٢٣، تم تشخيصي بالاكتئاب والقلق، في ٢٠١٩م، وأخذت دواءً لمدة شهر ونصف تقريباً، ولم يناسبني فتركته، وتابعت مع مرشدة نفسية في أحد المراكز، وأخذت جلسات لمدة سنة ونصف، بشكل منتظم.

اتضح أنها جلسات فضفضة، وكنت أظنها علاجاً سلوكياً معرفياً لجهلي، بعدما توقفت عن الجلسات عدت للدواء مرة أخرى، وأيضاً لم يناسبني بسبب ارتداد المريء الشديد أولاً، وثانياً لأنه كان ثقيلاً على جسدي، وسبب لي الخمول الشديد، والأرق فأوقفته بعد أسبوعين تقريباً، في ٢٠٢٢م.

بعد ذلك ذهبت لعيادة أخرى، وجربت للمرة الثالثة العلاج الدوائي، بعدما وصلت لمرحلة التفكير في الانتحار، والانفصال عن الواقع؛ بدأت العلاج بشهر ٥/٢٠٢٢ (بسيتالوبرام) جرعة٢٠غ، وشعرت بتحسن ملحوظ، لكن ما زلت منفصلةً عن الواقع، حتى شهر ١٢/٢٠٢٢م، غير الطبيب الدواء لزولوفت، جرعة ٥٠غ بسبب الحمل، واستمريت عليه حتى ٥/٢٠٢٣، بعدما شعرت أنه لم يعد له مفعول، ومع الحمل أوقفته لأقل من شهرين، وعدت بشهر٧ لسيتالوبرام جرعة ٢٠غ إلى أن ولدت في شهر٩.

أنا الآن أعاني، وأشعر أن روحي عالقة في حلقي، ولا أشعر بالحياة، ولم أعد أدرك الزمان والمكان، فضلاً عن مزاجي الحاد جداً بعد الولادة، وأصبحت أشعر بالخوف من أبسط الأمور.

إضافة إلى أني أشعر بالتقصير تجاه رضيعي، ونفسي وأسرتي، أنا الآن مقيمة في الصين منذ ستة شهور، ولا توجد عيادة أتابع معها، على العكس، الطبيبة هنا منعتني من الدواء من أجل الرضاعة، ولم تلتفت حتى لمعاناتي أو تعطني بديلاً يخفف عني، ومع الغربة زاد الوضع سوءاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وعد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونراقب لك المولود، ونسأل الله تعالى أن يجعله قُرة عينٍ لكم.

أيتها الفاضلة الكريمة: أعتقد أن لديك الكثير من الأشياء الطيبة والجميلة في حياتك، وهذه يجب أن تُقدّريها تمامًا، لأن التفكير الإيجابي يؤدي إلى مشاعر إيجابية، وهذا أحد وسائل علاج الاكتئاب، بأن أحاول أن أكون إيجابيًّا في شعوري وفي أفكاري وفي أفعالي، هذه مهمّة جدًّا، وهذه أسس العلاج السلوكي.

احرصي على أن تجعلي حياتك فعّالة، وأن تحوّلي الفكر السلبي إلى فكر إيجابي، وهذا ليس بالصعب أبدًا، كما أن أي ممارسة تمارين رياضية – كرياضة المشي أو الجري – مهمَّة ومفيدة تمامًا، وحاولي أن تتجنّبي السهر، وطبعًا الصغير يتطلب خدمته ليلاً، لكن -إن شاء الله تعالى- توفقين ما بين رعاية طفلك وأخذ قسط كامل وكافٍ من النوم.

ليس هنالك ما يمنعك أبدًا من تناول الـ (سيرترالين) أي الـ (زولفت) مع الرضاعة، السيرترالين هو أسلم الأدوية أثناء الحمل وكذلك أثناء الرضاعة، ويوجد دواء آخر وهو الـ (سيروكسات) الذي يُسمَّى علميًا (باروكستين) أيضًا بجرعة عشرين مليجرامًا يُعتبر دواءً ممتازًا جدًّا، ولا يُؤثّر على الصغير أبدًا، فلا يُفرز في الحليب، والدراسات الحديثة أشارت إلى هذا.

إذًا تحصّلي على أحد الدوائين وتناوليه بالجرعة الصغرى، بالنسبة للزولفت لا تتعدي جرعة الخمسين مليجرامًا، وبالنسبة للسيروكسات أيضًا لا تتعدي جرعة العشرين مليجرامًا، ويمكن أن تستمري على هذه الجرعة؛ لأنها أصلاً جرعة علاجية وقائية، وليست بجرعة كبيرة.

إذا استمررت على هذا حتى لمدة عام مثلاً فلا بأس في ذلك أبدًا، بجانب الحرص على الفعالية الاجتماعية والفعالية النفسية، وحسن إدارة الوقت – مهم جدًّا – وممارسة الرياضة، والحرص على الصلاة في وقتها، وأن يكون لك ورد قرآني، وأن تحرصي على الأذكار، فهي تجلب الكثير من الخير للإنسان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً