الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم بر الوالدين بسبب سوء تربيتهما لي، هل يعد عقوقًا؟

السؤال

السلام عليكم

ماذا لو نتج عن تربية والدي لي بعض المشاكل النفسية، مثل الخزي وانعدام الثقة بالنفس وهكذا، ونتج عن ذلك بعض الأفعال التي تسيء لهما في محاولة لإيجاد حل، وكان ذلك غير مقصود، نتيجة عدم الوعي برد الفعل الصائب أو عدم توافر الظروف لتطبيقها، أو وجود هذه المشاكل النفسية وهما من تسببا فيها في الأصل، هل يحسب ذلك أني عاقة بوالدي، ويكون علي ذنب؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نشكر لك حرصك على بر الوالدين، والحذر من الوقوع في عقوقهما، وهذا من توفيق الله تعالى لك، وعلامة على حُسن إسلامك، نسأل الله تعالى أن يزيدك هُدىً وصلاحًا.

ثانيًا: اعلمي - أيتها البنت الكريمة - أن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، واحذري أن يُسهل الشيطان عليك الوقوع في عقوقهما تحت مبررات وهمية، فالله سبحانه وتعالى يعلم حقيقة القدرة البشرية لدى الإنسان، وهو سبحانه وتعالى الذي يُجازي ويُحاسب، فهو يعلم ما تقدرين على تجنّبه من عقوقهما وما لا تقدرين، فاحذري أنت، وابذلي جهدك، واجتهدي قدر استطاعتك في بِرِّهما وتجنُّب عقوقهما.

البر معناه الإحسان إليهما وإدخال السرور إلى قلوبهما بكل كلامٍ أو فعلٍ، وعكسُه العقوق، فإذا وقعت في شيء من العقوق بغير قصدٍ منك فالله تعالى يتجاوز ويُسامح، وقد قال سبحانه وتعالى في آيات البر بالوالدين: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا} ثم قال: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورًا}.

إذا كان الإنسان عازمًا على البر مُريدًا له وإنما وقع في خطأ غير مقصود؛ فالله تعالى يعلم نيته وما ينطوي عليه قلبُه، فيعفو عنه ويتجاوز، فكما قال: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورًا} أي: يغفر ويُسامح ويتجاوز عن الأخطاء التي قد تقع عن غير قصدٍ، مع أن الولد مُريدٌ للبرِّ بل حريصٌ عليه.

اعلمي - أيتها البنت الكريمة - أن عقوق الوالدين لا يُسوغه شيء من الإساءة من الوالدين، فقد أمر الله بالإحسان إليهما ومعاملتهما بالحسنى مهما بلغت إساءتهما، فقال سبحانه وتعالى: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا}، فأمر بصحبتهما بالمعروف مع مجاهدتهما للولد ليكفر، وهذه أعظم إساءة يتعرض لها الولد، ومع ذلك لم يُرخّص الله تعالى له في أن يُسيء إليهما.

احذري من الوقوع في عقوق الوالدين بقدر استطاعتك، فإذا وقع شيءٌ فسارعي إلى التوبة والاستغفار، واسترضاء والديك، وبلا شك سيتعاونان معك ويتجاوزان عن أخطائك إذا اعتذرت منها.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً