الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مواقف الغيبة كيف يكون التسامح منها والتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم.

سمعت منكرًا عن أحد الأشخاص، لكنني لم أنكر في تلك اللحظة إلا عندما انفردت مع هذا الشخص، وقلت له: بأني سبق وأن حذرتك من الغيبة، فقال لي: إن لم يعجبك كلامي فلا داعي لأن تتكلم معي مرةً أخرى، لكني عندما خرجت وجدت الشخص الذي تم الكلام عنه، فطلبت منه أن يسامحني، وأخبرته بما حدث، فقال بأنه لا يهتم لمثل هذا الكلام، فهل أكون وقعت بذلك الفعل في الغيبة والنميمة؟

وهل يجب علي ذكر محاسن الشخص الذي تمت غيبته عند الشخص المغتاب أو العكس؟ وهل الكذب من أجل إصلاح خطأ يعتبر إثمًا؟ وهل يجوز إخبار من اغتبته عن طريق رسالة في الهاتف بأن يسامحني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يونس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك حرصك على تجنُّب الحرام، والحذر من الوقوع في المنكرات، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونسأل الله أن يزيدك هدًى وصلاحًا.

أمَّا بالنسبة للسؤال الأول: فنقلُك لما قيل في هذا الرجل إليه محرّم؛ لأن فيه وقوعًا في النميمة، والنميمة حرّمها الله تعالى، لما فيها من إفساد ذات البين، والواجب عليك فقط هو التوبة، فـ (من تاب تاب الله عليه)، وقد قال النبي (ﷺ): (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فإذا ندمت على فعلك، وعزمت على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع تركك لهذا الذنب؛ فإن الله تعالى يقبل توبتك.

وأمَّا إذا حضرت مجلسًا، فوقعت فيه الغيبة، فيجب عليك أن تُنكر هذا المنكر، أو أن تخرج من هذا المجلس، إذا لم يكن في خروجك ضرر، ولم يكن في إنكارك أيضًا مفسدة أعظم من مفسدة هذا المنكر.

وقد أحسنت حين نصحتَ مَن وقع في الغيبة، وذكّرته بحرمة هذا الفعل، ونسأل الله تعالى أن يهدينا وإيَّاك لأحسن الأعمال والأخلاق.

وأمَّا السؤال الثاني: فمن كذب، ثم أصلح بعد كذبه -بأن تاب من هذا الكذب-، والتوبة تعني الندم على فعل المعصية، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع تركها والإقلاع عنها؛ فإذا فعل الإنسان هذا الإصلاح بعد الوقوع في الذنب، فإن الله سبحانه وتعالى سيغفر له ما كان من الذنب السابق، وإن كانت هناك حقوق متعلقة للعباد فأصلح؛ بأن سعى في رد الحقوق إلى أهلها، فهذا جزء من التوبة أيضًا؛ لأن من أركان التوبة فيما يتعلَّقُ بحقوق العباد ردّ المظالم.

فالخلاصة أن مَن أصلح بعد إساءته فإن الله تعالى يتوب عليه، كما دلّ على ذلك القرآن في آياتٍ كثيرة.

وبالنسبة للسؤال الثالث: ومن اغتبته، ثم طلبتَ منه العفو، والسماح بإرسال رسالة إليه؛ فإن هذا يكفي -بإذن الله تعالى-، وإن كان بعض العلماء يرى بأنه لا ينبغي إخبار مَن اغتبته بأنك قد اغتبته، كما يقول هذا الإمام الغزالي وغيرُه؛ لأن في هذا الإخبار مفسدة أعظم من مفسدة الغيبة.

وعلى كل حال: فإذا كنت قد فعلت ذلك، وطلبت برسالتك من هذا الشخص الذي اغتبته أن يسامحك، ويعفو عنك؛ فقد فعلتَ خيرًا.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإيّاك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات