الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإنمي عرفني على الإباحية.. فكيف أتركها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أعاني منذ أن كنت صغيرة من الوحدة، وكنت أبقى أمام الشاشات لفترة طويلة، إلى أن تعرفت على شيء يُدعى الإنمي، في البداية كان جيدًا، ولكن من يوم لآخر بدأت تظهر لي أشياء أسوأ، وبدأ الموضوع بلقطات مخلّة بين الذكر والأنثى، حتى أصبحت لا أكتفي بذلك، وظهرت لي أشياء جديدة أسوأ، ظهرت لي أشياء شاذة، وعلاقات حب بين الفتى والفتى، والفتاة مع الفتاة - والعياذ بالله - وفي البداية كانت لا تعجبني، وكانت بالنسبة لي مقرفة، ثم استظرفتها، وها أنا ذا أعاني من إدمانها.

نعم أصبحت مدمنة للإباحية، والآن هذه السنة الثالثة من محاولاتي لتركها، لكني لم أستطع، كلما اقتربت سقطت، وآخر محاولة لي كانت قبل شهرين، استمررت مدة شهر وثمانية وعشرين يومًا بدونها، ولكن في النهاية انتكستُ ورجعت، ولا زلت أستغفر وأتوب، وأنا أعلم أن الله غفور رحيم، لكني أعلم أيضًا أنه شديد العقاب.

كنت ألقي اللوم على الشيطان، ولكن الآن نحن في شهر الخير (شهر رمضان) فعلمت أن المشكلة من نفسي الأمّارة بالسوء، فماذا أفعل؟ وكيف أتغيّر؟ وكيف أقوم بتربية هذه النفس وأجعلها نفساً مطمئنة؟

مع العلم أني أخاف الله حق خوفٍ، وأحبه كثيرًا، ولكني لا أتحمل، أتحمل لمدة أسبوع وأنتكس لمدة شهر، وهكذا، وأخاف أن الله لا يحبني بسبب كثرة رجوعي للمعصية، ثم أتوب.

أنا لا أستهزئ بالله ولا بعقابه، ولكني حقًّا لا أتحمل، وصبري ينفد، وأشعر أني منافقة؛ لأني أقرأ القرآن وأصلي الصلوات، وأعمل الصالحات بقدر المستطاع، ولكن أنتكس فجأة، وأعود للذنب ثم أصلي وأعود للذنب، أي لا نفع مني!

فماذا أفعل؟ أرشدوني لعلي اهتدي على أيديكم، تعبت والله تعبت من هذه الحالة، وأريد رضا الله تعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك – ابنتنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الخير، وأن يتوب عليك.

ونحن مسرورون جدًّا بهذه المجاهدة التي تمارسينها، واعلمي يقينًا أنك سائرة في الطريق الصحيح حينما تُجاهدين نفسك بمنعها ممَّا حرَّم الله، واعلمي أيضًا أن هذا الجهد الذي تبذلينه مدَّخرٌ لك في صحائف أعمالك، والله تعالى لا يُضيع أجر من أحسن عملًا.

ولا تيأسي أبدًا من إصلاح أحوالك، فإن الله -سبحانه وتعالى- قادرٌ على أن يُغيّر أحوالك كلها، فـ (القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها كيف يشاء) فالإنسان إذا زلَّ أو نسي فرجع إلى الذنب فهذا ليس هو نهاية التاريخ، بل هو مأمور بالرجوع والتوبة، وإن وقع في زلل بعد ذلك وضعفت قُواه وغلبته نفسه والشيطان؛ فإنه مأمور بتجديد التوبة، وهكذا كلما أذنب ينبغي أن يتوب ويُسارع، والله -سبحانه وتعالى- يقبل التوبة من عباده، متى صدقوا في هذه التوبة.

ولا يعني الرجوع إلى الذنب أن التوبة الصادقة غير صحيحة، ولكنّه يعني أنه لا بد من تجديد توبة جديدة، فإذا داوم الإنسان على هذه الطريقة فإنه إلى خيرٍ -إن شاء الله- والله تعالى غفور رحيم.

ولكنك مأمورة أيضًا – ابنتنا الكريمة – بالأخذ بالأسباب التي تُثبّتك على التوبة، فما لا يتم الواجب إلَّا به وهو واجب، هذه هي القاعدة الفقهية، فحاولي أن تجتهدي في أخذ أسباب تُعينك على الثبات وعلى البقاء على حالة التوبة، والابتعاد عن الحرام، ومن ذلك:

أن تتعوّدي مثلًا ألَّا تتصلي بهذه الأجهزة إلَّا في حضور آخرين بجانبك، حتى يجرّك ذلك إلى الاستحياء وعدم الجري وراء رغبات نفسك وشهوات نفسك.

ومن ذلك أن تحاولي دائمًا تقوية إيمانك بتذكير نفسك بالجنة والنار، والعقاب والجزاء، والوقوف بين يدي الله، فأكثري من سماع المواعظ التي تُذكّرُك بذلك.

ومن الأسباب أيضًا – وهي من أهمها – الرُّفقة الصالحة، فحاولي أن تتعرّفي على الفتيات الطيبات، وأكثري من التواصل معهنَّ، فإنهنَّ خير من يُعينك على الثبات والبقاء على التوبة.

أكثري من دعاء الله تعالى أن يثبتك، وأن يُصرّف قلبك نحو الطاعة، فهو -سبحانه وتعالى- على كل شيءٍ قدير، ويستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردّهما صفرًا.

نسأل الله تعالى أن يُوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً