الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أريد الزواج حتى لا يشغلني عن طاعة الله، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

أريد أن أسأل عن الزواج، هل الامتناع عن الزواج للرجل رغم القدرة الجسدية حرام؟

علماً أن سبب الامتناع هو عدم الثقة بالنفس، والخوف من التقصير مادياً، أو التقصير في التربية مع الأطفال، وأيضاً الخوف من أن يشغلني الاهتمام بالأطفال، وتوفير جميع احتياجاتهم المادية عن طاعة الله.

أريد أن أسأل أيهما أفضل عند الله: الزواج والاهتمام بالزوجة والأبناء، أم العمل ومساعدة الغير والتركيز على الطاعة لله؟ وجعل النصيب الأكبر من الرزق في سبيل المحتاجين، ووضع هذا الرزق في الصدقات الجارية، وغيرها من سبل الطاعة؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير، وييسر لك الطاعة، ويعينك على حسن العبادة، ونشكر لك اهتمامك وعلو همتك بالبحث عن أفضل الطاعات التي تقربك إلى الله تعالى.

الزواج -أيها الحبيب- قد يكون واجبًا في بعض الأحيان، وذلك إذا خشي الإنسان على نفسه الوقوع في الفاحشة مع قدرته على الزواج، فهذا الإنسان يجب عليه أن يتزوج ليترك الحرام ويتجنبه، وقد يكون مستحبًا أي يثاب عليه الإنسان، وذلك إذا كان قادرًا على مؤن الزواج، وهو محتاج إليه بمعنى أنه تشتهيه نفسه، ولكنه آمن على نفسه من الوقوع في الحرام، فهذا يستحب في حقه الزواج، وإذا نوى به التقرب إلى الله تعالى صار عبادة يثاب عليها.

بهذا تعلم -أيها الحبيب- أن اشتغالك بالزواج وإنجاب الأطفال والاعتناء بتربيتهم، والإنفاق عليهم، كل ذلك عبادات، وهي عبادات أفضل من عبادة التفرغ للصلاة ونحوها من العبادات البدنية، أو إعانة الغير، ما دام الإنسان يشتهي الزواج؛ فالزواج في حد ذاته قربة إذا نوى به الإنسان التقرب إلى الله، وقد أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالزواج، فقال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج).

أخبرنا عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة عن فضائل الزواج والترغيب فيه، وفي الزواج من المنافع والفوائد ما لا يخفى على أحد، ففيه إعفاف للنفس بالحلال عن الحرام، وفيه تكوين أسرة مسلمة، وتكثير المجتمع المسلم، وفيه الإعانة على إعفاف امرأة مسلمة، وفيه إنجاب الذرية، وإخراج أناس يعبدون الله تعالى على هذه الأرض، وتكثير أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- وغير ذلك من الطاعات التي تنشأ عن هذا العمل الجليل وهو الزواج.

كما أن النفقة على العيال هي من الصدقات كذلك، بل هي أعظم الصدقات أجرًا، فعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّه ﷺ: ((دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سبيلِ اللَّه، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في رقَبَةٍ، ودِينَارٌ تصدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذي أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ)) رواه مسلم. قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في الشرح الممتع: فإذا قمت بالواجب في مؤونة أهلك كنت قائماً بواجب وصدقة، كما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن الإنسان إذا أنفق على أهله فهي صدقة، بل لو أنفق على نفسه فهي صدقة، وحينئذ نقول: إنك في الواقع لم تخرج عن مسمى المتصدق إذا أنفقت على أهلك ونفسك، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم جعل الإنفاق على الأهل من الصدقة، بل الإنفاق على الأهل واجب تثاب عليه أكثر من الثواب على الصدقة على بعيد. وقال أيضًا: ومن نعمة الله سبحانه وتعالى أن إنفاقك على أولادك صدقة، بل إنفاقك على نفسك صدقة، كما ثبت عن النبي صلى عليه الصلاة والسلام، وهذه من سعة رحمة الله، فالإنسان يقضي شيئاً واجباً عليه ومع ذلك يثاب ثواب الصدقة الواجبة، لأن إنفاقك على نفسك وأولادك واجب.

فإذا كنت قادراً على مؤن الزواج وتكاليفه، وكانت لديك الرغبة في النساء فنصيحتنا لك أن تتزوج، وأن تبادر إليه فهو باب خير كثير.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً