هب تدهور حالتي الذهينة بسبب الوساوس؟

2014-09-05 23:04:34 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله بركاته

لجأت لحضرتكم، لأني أثق بأن مشكلتي ستحل -بإذن الله- على أيديكم، أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، أعاني منذ سنتين -تقريياً- من وساوس بسيطة، مثل: الحرص على النظافة، والشك بانتقاض الوضوء، وبعض الأفكار الوسواسية، كنت أنوي معالجتها لديكم، ولكن عند تصفحي لموقعكم، واطلاعي على استشارات الوسواس القهري، خجلت من إرسالها، وأقنعت نفسي بأنه أمر بسيط لا يقارن مع مرضى الوسواس الحقيقيين.

تطور الأمر دون أن أشعر، حتى اتضح لي فيما بعد تراجع مستوى قدراتي الذهنية، ونسيان كثير من الأمور والمواقف التي حصلت، وكأني فرمت ذاكرتي جزئياً، بالإضافة إلى نسيان الكثير من المصطلحات والكلمات أثناء حديثي، أو نسيان بعض معانيها، مع أن أغلبها بدائي، مما يحرجني كثيراً، وأضطر لأن أبحث في المعاجم اللغوية، ولم أكن أعي السبب، حتى وصلت الآن لمرحلة معقدة، وقفت عائقاً -متيقنة من إزالته- أمام طموحي وعشقي للاطلاع والقراءة والمعرفة، وهي عدم قدرتي على التركيز، وتشتت انتباهي من أن أحداً ما سوف يسألني عن ملخص لقراءتي، وكذلك عدم قدرتي على التعبير عن أفكاري بطريقة ملائمة تستحق جهدي بالقراءة.

في بعض الأحيان بيني وبين نفسي لا أستطيع ربط أفكاري، وكذلك أشعر بعدم استفادتي من القراءة، لنسياني الكثير فور انتهائي من كتاب وقراءة آخر، أو مقالة بموضوع معين، لا يثبت بذاكرتي إلا تصور بسيط عن فكرة الكتاب بشكل عام، وبعض الأفكار التي لا تقارن بمجموع ما جاء بالكتاب.

علماً أني بدأت القراءة منذ 8 أشهر، وأنا متحمسة لها، وأتحسر على أيامي التي مضت دون أن أفتح كتاب، أريد أن أستفيد من قراءتي ولا تذهب أدراج الرياح؛ لأني مؤمنة بأنها السبيل لصقل الفكر الشخصي، ورفعة للإنسان، وكذلك عبادة لله، كونها أول فرض نزل على نبينا -عليه الصلاة والسلام- أشعر أني لا أستحق هذا العناء، لأني شخصية إيجابية ومتفائلة جدا.

أحد أسباب تأخري عن استشارتكم، هو أنني كنت أظن أنه يمكن أن أعالج نفسي بطرد الأفكار السلبية، وعدم التركيز على المشكلة وتجاهلها، وأن أتوكل على الله، ولكن زاد الأمر سوءاً، واكتشفت أني لم أتوكل على الله حق التوكل بفعل الأسباب، والتي أحدها استشارتكم المباركة -بإذن الله-.

أرجوكم وضحوا لي مشكلتي، احترت بتشخيصها، وسواس قهري، أم قلق، أم ماذا؟ ثقتي بنفسي بدأت تتلاشى بسببها؛ لأني أصبحت أتردد كثيراً من طرح أي موضوع خوفاً من أن لا أكون ملمة بتفاصيله، أو عدم قدرتي على مناقشة أفكاره، مع إني واثقة داخلياً أن قدراتي الذهنية أعلى بكثير، ولكن هذه الثقة لم تجد نفعاً، فالسبب المجهول أصبح عائقاً لعدم قدرتي على التعبير عما بداخلي بيني وبين نفسي، فضلاً على أن يكون بيني وبين الآخرين.

أصبحت أتأمل أي حديث، وأي كتابات لأناس آخرين، وأتساءل مع نفسي: هل أستطيع التحدث مثلهم، أو أقدر على الكتابة، وأجيبها أحياناً بنعم، وأحياناً ألجأ للهروب من إجابتها، علماً أني لا أعاني من أرق -الحمدلله-، ونومي عميق جدا،ً وهذا ما يجعلني أستبعد أن يكون قلقا نفسيا.

انتظر إجابتكم، وكلي أمل بأن تكونوا من أسباب تخلصي من هذه المشكلة العويصة -بإذن الله-.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ابتسام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، ونحن نقول لك أيضاً -إن شاء الله تعالى- سوف يذهب عنك هذا العناء، أنت مقتدرة، لك مهارات واضحة، لك قوة معرفية ثاقبة بفضل من الله تعالى، ولديك أيضاً الدافعية والطموح الإيجابي كي تكوني أكثر تطورا وتنمية لذاتك، وهذا -إن شاء الله تعالى- كله سوف تصلين إليه.

ما تعانين منه هو نوع من الوسواس الترددي، ويعرف أن الوسواس حين يأتي بأفكار استباقية للإنسان، وأقصد بذلك القلق الاستباقي، الذي يسبق الفعل، وهذا يدخل في دائرة الوساوس، إما يعطي الشعور بأنك غير مدركة، وأنك لا تستطيعن استرداد المعلومات، وأنك لا تستوعبين، هذا -أيتها الفاضلة الكريمة-، مجرد وسواس قهري، أنا أؤكد لك أن معلوماتك راسخة كل ما اطلعت عليها -إن شاء الله- موجود في مخزون الذاكرة الإيجابية عندك، لكن الوساوس قد قضى عليه.

إذاً أنت مطالبة بتحقير الفكرة، فكرة أنني لا أدرك، أنني لا أتذكر، أنني لا أستوعب، وأريدك أن تلجئي لأسلوب الكتابة كنوع من التمارين التلقائي الذي يقلل من التردد، وبعد ذلك حاولي أن تتبادلي أفكارك مع الآخرين دون أن تراقبي نفسك، أسقطي تماماً مراقبة الذات، لأن الإمكانيات والمهارات تلقائياً موجودة عندك، لكن حين يسيطر عليك هذا الوسواس الترددي، والقلق الاستباقي، هو الذي يجعلك تشعرين بما تحسين به، إذاً الحرص على التجاهل، وأن تكوني طبيعية، وفطرية، وتلقائية بقدر المستطاع.

أود أن أنقل لك بشارة كبيرة، وهي: أن حالتك سوف تستجيب بصورة قاطعة للعلاج الدوائي، وهذا النوع من الوساوس يستجيب للعلاج الدوائي، ولذا أدعوك بأن تذهبي وتقابلي طبيباً نفسياً، والحمدلله تعالى المملكة العربية السعودية بها من أفضل الأطباء النفسيين في منطقتنا.

من أفضل الأدوية التي يمكن أن تصف لك، عقار (فلوكستين)، وهذا هو مسماه العلمي، ويسمى تجارياً (بروزاك)، والجرعة المطلوبة في حالتك هي كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي 20 مليجرام، يتم تناولها يومياً لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وهذه الجرعة المطلوبة في حالتك، ويجب أن تستمري عليها لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة أبدا،ً بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليومن لمدة ستة أشهر أخرى، ثم اجعليها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

يتميز (الفلوكستين) أي (البروزاك) أنه سليم كما ذكرت لك، وذو فاعلية عالية جداً، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، لا تترددي أبداً في تناول العلاج، ومقابلتك للطبيب قطعاً سوف تدعم قناعتك بالعلاج الدوائي، بجانب ما ذكرت لك من إرشاد سلوكي.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

www.islamweb.net