الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الربط بين الدنيا والدين

السؤال

كيف أستطيع أن أربط الدنيا بالدين، فإذا هممت بطاعة نسيت الدنيا والعكس صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الربط بين الدنيا والدين يكون باتباع منهج الإسلام الصحيح الذي بينه القرآن الكريم في قوله تعالى: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا {القصص:77}، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري، قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها ما شأنك، قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم فقال نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان.

وإن كان قصد حصول الأجر على الأعمال الدنيوية العادية.. فإن ذلك يكون باستحضار النية في كل عمل يقوم به العبد والإخلاص فيه لله تعالى، فإن النية شرط في حصول الأجر في الأعمال المباحة وتحويلها إلى عبادة وقربة إلى الله تعالى نحو القيام بتدبير شؤون المنزل والأكل والشرب... وكذلك في الأمور الواجبة كالنفقات وأداء الديون، فلا يحصل الأجر لفاعلها إلا بنية التقرب بها إلى الله تعالى، وامتثال أمره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه... ولقوله صلى الله عليه وسلم: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك.. الحديث في الصحيحين.

وأما قول السائلة (فإذا هممت بطاعة نسيت الدنيا...) فإن كان قصدها أنها تستغرق في عمل الطاعة حتى لا تتذكر شيئاً من أمور الدنيا فهذا أمر محمود شرعاً ما لم يؤد إلى تضييع حق ينبغي للمسلم أن يحرص عليه، فقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت مرفوعاً: من كان همه الآخرة جمع الله له شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا راغمة، ومن كان همه الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له. صححه الألباني..

وروى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك. صححه الذهبي...

وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54720، 63550، 9525، 33818، 60971.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني