الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموقف الشرعي للمظلوم من ظالمه

السؤال

سؤالي هل أكشف أمر من أذاني وتسبب لي بالسوء وباعترافه وهو يكمل إساءته وأنا حتى الآن لم أرد الإساءة بالإساءة وأكشف أمره، أم أصبر وأدعو الله أن يكشف أمره لأنني إذا كشفت أمره سيفصل من عمله وأنا أخاف قطع الأرزاق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فللمظلوم فعل ما يراه مناسبا لمقدار الظلم الذي وقع عليه ولحاله ومقدار صبره، فالأمر راجع إليك: فيمكنك العفو والصفح، والعفو عن الناس.

والتنازل عن حظ النفس في المعاقبة بالمثل، أو الانتصار للذات منزلة عالية لا يستطيعها إلا المحسنون، ولذلك أكد سبحانه وتعالى حبه للعافين عن الناس فقال: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران: 34}.

وقد سبق بيان منزلة العفو وما ورد فيه من فضائل في الفتاوى التالية أرقامها: 6297، 43275، 54408. وبينا أيضا أن العفو مستحب وليس بواجب في الفتوى رقم: 36925.

ويجوز لك أيضا التظلم لمن يقدر على أخذ حقك ممن ظلمك وبيان إساءته وفضح أمره، ولو كان في هذا قطع لعمله، فهو ما جناه على نفسه بشؤم ظلمه وإساءته، بشرط ألا تزيدي في ردك ولا تتعدي، فقد فقال الله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ {النحل:126}.

وقال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا {الشورى: 40}. وقال البخاري رحمه اللّه في صحيحه: باب الانتصار من الظّالم لقوله جلّ ذكره: وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ {الشورى: 39} قال إبراهيم يعني النّخعيّ: كانوا يكرهون أن يستذلّوا فإذا قدروا عفوا.

وأحيانا يكون عدم العفو أفضل فيما لو كان العفو يزيد من ظلم الظالم وإساءته، قال القرطبي رحمه الله: وبالجملة العفو مندوب إليه، ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا إليه كما تقدم، وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى، وعن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل عليه، وهو أن زينب أسمعت عائشة رضي الله عنهما بحضرته فكان ينهاها فلا تنتهي، فقال لعائشة: دونك فانتصري. أخرجه مسلم في صحيحه بمعناه. انتهى .

وللاستزادة حول ذلك راجعي الفتوى رقم: 112756، ونسأل الله أن يكف عنك ظلم الظالمين وأن يكفيك شرهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني