الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤالي يتلخص في عدة نقاط:
1ـ كنت أفعل الكثير من الطاعات فمثلا: كنت أصوم النوافل وأصلي السنن وأخرج الصدقات وأقرأ القرآن وكنت أحب قراءته وأشتاق له كثيرا وكنت أحمل الكثير من القرآن كنت قد تعديت نصفه حفظا وكان لساني دائما رطبا بذكر الله وكنت أشاهد الكثير من البرامج الدينية المفيدة، أما الآن فقد انقلب حالي رأسا على عقب فأصبحت الآن لا أصوم النوافل وأفرط كثيرا في السنن ولا أخرج الصدقات إلا قليلا وأصبحت لا أقرأ القرآن كالماضي، بل تمر أيام علي بلا قراءته فنسيت معظم القرآن الذي حفظته وصار لساني قليل الذكر لله وصرت لا أشاهد البرامج الدينية إلا قليلا، بل أشاهد الأفلام والمسلسلات والبرامج اللاهية، وخشوعي في الصلاة قد قل كثيرا وصلاة الفجر تضيع علي كثيرا.
2ـ علاقتي بأمي ليست كما أريد فأنا أود أن أبرها وأفعل كل ما يرضى الله أولا ثم ما يرضيها ثانيا، لكنني لا أستطيع ولا أعرف ما السبب؟ أهو مني؟ أم منها؟ حيث إن معاملتها لي ليست هادئة وهى تغضب وتجعلني أغضب عليها أيضا، ولكنني لا أحب أن أغضب عليها، لأنني لا أريدها أن تكون ساخطة علي حتى لا يسخط ربي علي، ولكن هي التي تدفعني لذلك.
3ـ أنا الآن في المرحلة التعليمية الثانوية أفرط كثيرا في مذاكرتي رغم أن لدي الكثير من الوقت الذي أستطيع من خلاله إنهاءها، ولكنني لا أستطيع السيطرة على نفسي رغم أنني لم أكن كذلك من قبل ويمكن أن أترك مذاكرتي من أجل الجلوس أمام التليفزيون أو الكمبيوتر وفى بعض الأيام أتغيب عن المدرسة، لأنني لم أنه مذاكرتي وأشعر أن قدرتي على الحفظ والتذكر قد قلت وهبطت همتي وعزيمتي كثيرا، ولكنني لا أعرف ماذا أفعل في كل ما يحدث لي؟ ولا أستطيع السيطرة على نفسي وكيف أتخلص من كل تلك النقم التي حلت بي، وأريد أن أكون عزا للإسلام لا خاذلة له وأريد أن أعود لربي وأبر والدي ووالدتي وأكون سببا في سعادتهما وأريد أن تعلو همتي وعزيمتي وأتفوق في دراستي.
بالله عليكم أن ترشدوني إلى الطريق الصواب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالفتور ظاهرة طبيعية لا يسلم منها أحد، إلا من عصمه الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل. رواه البزار، وصححه الألباني.

كما أن المقرر عند أهل السنة أن الإيمان يزيد وينقص.

وعلاج الفتور يكون: بأن يوقن العبد أنّه لا حول له ولا قوة إلّا بالله ويعلم أنّه لا يقدر على فعل طاعة أو ترك معصية إلّا أن يمنّ الله عليه بالإعانة والتوفيق، فعليك ببذل جهدك مع الاعتصام بالله والتضرع إليه والإلحاح في دعائه، والحرص على الرفقة الصالحة والبيئة الإيمانية، وتجنبي صحبة السوء وبيئة المعاصي واللهو، وعليك بكثرة ذكر الموت وما بعده، والتفكر في آيات الله ومعرفة نعمه والتنويع في العبادات والأذكار والترويح عن النفس في الحدود المشروعة.

واعلمي أن بر الأمّ من أعظم أسباب رضا الله وتوفيقه للعبد، فعليك بالحرص على مخاطبتها بالأدب والرفق والتواضع والتوقير، قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23،24}.

قال القرطبي: وقل لهما قولا كريما. أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه ويا أمّاه من غير أن يسميهما ويكنيهما.

قال عطاء: وقال بن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولا كريما ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ. الجامع لأحكام القرآن.

واعلمي أن إساءة أمك إليك ـ لو أساءت ـ لا يبرر لك عقوقها، بل يجب عليك برها وحسن مصاحبتها على أي حال كانت هي معك.

وللفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 19479، 70860، 121317 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني