الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يفعله من خالف عهده مع الله

السؤال

قطعت وعدا إلى الله وإن لم أنفذه يجعلني الله حيران في الدنيا والآخرة ومهما عملت لا يسامحني اللهذهبت بعدها إلى الحج، ولكنني كنت كلما دخلت الحرم أحس بضيق فظيع ولم أجد الراحة هناك وحاولت كفارة اليمين، أو النذر، ولكنها لم تجد، وعندي 27 عاما ومازلت طالبا حتى الآن، لا أستطيع أن آخذ قرارا واحدا أحس أنني مت وأشعر باكتئاب دائم مهما حصل من مفرحات، وصدقني لو لم يكن الانتحار حراما لفعلته منذ زمن، ولكنني لا أستطيع أن أدخل النار بيدى أعيش في عذاب ولا أعرف ماذا أفعل مضى علي 8 سنين أدعو ربنا أن يأخذني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي فهمناه من سؤالك أنك قد قطعت وعدا مع الله سبحانه على فعل، أو عدم فعل شيء ما وأنك دعوت على نفسك إن لم توف بهذا الوعد أن تصاب بالحيرة في الدنيا والآخرة, وعليه فإننا ننبهك على أن فعلك هذا غير مشروع، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن دعاء المرء على نفسه بقوله: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم, ولا تدعوا على خدمكم, ولا تدعوا على أموالكم, لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم. أخرجه أبو داود.

والظاهر أن وعدك هذا يأخذ حكم العهد، فإن الله سبحانه قد سمى العهد وعدا بقوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ {التوبة: 75ـ 77 }.

فإن كنت قد أخلفت وعدك فحكمك حينئذ حكم من خالف عهده مع الله، وقد سبق بيان هذا مفصلا في الفتوى رقم: 135742.

فإن كفرت عن ذلك فأكثر حينئذ من الطاعة والذكر والتقرب إلى الله سبحانه فإن إخلاف العهد مع الله شديد، جاء في المغني: وحلفت عائشة ـ رضي الله عنها ـ بالعهد أن لا تكلم ابن الزبير فلما كلمته أعتقت أربعين رقبة وكانت إذا ذكرته تبكي وتقول واعهداه، قال أحمد: العهد شديد في عشرة مواضع من الكتاب الله: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا {النساء}. انتهى.

وأما ما تفكر به من أمر الانتحار: فهذا من كيد الشيطان ووسوسته ليفسد عليك دنياك وآخرتك وليدخلك في زمرة من يئس من فضل الله ورحمته، وهذه ـ والعياذ بالله ـ صفة الكفار, قال سبحانه: إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف: 87}.

فاتق الله سبحانه وانفض عنك هذه الوساوس واستعذ بالله من شرها وعليك بأسباب شرح الصدر وأعظم هذه الأسباب الإكثار من ذكر الله جل وعلا، ويراجع في ذلك الفتويان رقم: 22458 ورقم: 76048

ويراجع بيان حكم الانتحار في الفتوى رقم: 10397.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني