الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل المباح لدى شركة لها أعمال أخرى محرمة

السؤال

أنا شاب مسلم يعمل في مجال تقنية المعلومات و الحاسب الآلي.
خلال سني عملي مررت بموضوع "هل مأكلي حلال أم حرام؟"، حيث إن من مشاكل العصر الحالي انتشار الربا و البنوك الربوية و شركات التأمين التجاري. و أنا خلال بحثي عن عمل، أتحرى أن لا أعمل في أنظمة بنكية ربوية أو أنظمه تأمين، ولكن بالرجوع إلى جميع الشركات التي عملت بها فإنها من قريب أو بعيد تتعامل في هذه المجالات. فعلى سبيل المثال، الشركة الأولى تبيع جميع منتجاتها للبنوك رغم أن المنتج لا يقوم بحساب الربا مباشرة، و الشركه الثانية لديها قسم لم أعمل به يتعامل أيضا مع البنوك، و الثالثة أيضا فيها قسم مخصص للتأمين. الإشكال بأني لا أباشر العمل في هذه الأنظمة حيث إني أتحرى قبل القبول بالعقد، ولكن في بعض الأحيان نضطر للربط و الاتصال بهذه الأنظمة أو على الأقل قد يكون البرنامج الذي نقوم به مباحا لكن جزء منه يحتوي على مخالفة. أيضاً قد أبدأ العمل بشيء مباح و بعد ستة أشهر يأتي عمل قد يكون محرماً أو شبهة حرام. ماذا أفعل؟ هل أترك عملي كلما ظهرت هكذا مشكلة حيث كما وضحت، يندر أن تجد عملا في مجال الحاسب لا يقرب الربا أو التأمين التجاري و لو بشكل غير مباشر.
هذا نوع من المشاكل أواجهها بشكل مستمر في بلاد المسلمين، فكثير من الأعمال الحالية يختلط بها الحلال و الحرام من ربا و عقود فاسدة، و كوني موظفا و لست عامل مياومة فأنا أقع في الحرج. (التغيير المستمر للوظيفه يضر بسمعتي و سيرتي الذاتية)
أرجو أن تذكر بعض الضوابط لهذه الحالات حيث إن هذه من الأمور المعاصرة التي قل البحث فيها.
جزاكم الله خيراً

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعمل الموظف في مجال مباح بشركة أوغيرها لا حرج فيه ولا فيما يأخذه عليه من أجر، ولو كان للشركة أعمال محرمة أخرى. ولو كان عمل الموظف في المباح لكنه يعمل أحيانا أمورا محرمة أو يعين عليها فيكون في أجره من الحرام بقدر ذلك، لأن الراتب في مقابل العمل. فما كان منه في مقابل عمل حرام وخدمات مشروعة كان حلالا، وما كان في مقابل عمل محرم كان حراما، والأولى للمسلم أن يستقصي حتى يجد عملا لا شبهة فيه لأنه مأمور بتحري الحلال واجتناب الحرام، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه و تقوى الله خير زاد، وقد ضمن الله الرزق لمن يتقيه، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ. [الطلاق:2-3].
وقد ذكرت في السؤال أنك لا تباشر الأمور المحرمة في الشركات التي تعمل بها وإنما تشترط أن تكون في عمل مباح، وبالتالي فلا يؤثر وجود بعض المعاملات المحرمة أوالخدمات كالتأمين التجاري ونحوه على حل راتبك في تلك الشركات التي عملت بها، كما بينا في الفتويين: 51632 / 66900 واعلم أن الأمر إذا ضاق اتسع ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فاتق الله في عملك هذا ما استطعت وتوق الحرام جهدك، ولا حرج عليك في البقاء فيه إن شاء الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني