الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لذة الكفار في الدنيا حقيقة أم وهم

السؤال

شيخنا الفاضل:
نحن المسلمين سعداء بأدائنا للعبادات والطاعات بصدق ولوجه الله
لكن نجد اليهود والبوذيين وغيرهم من الكفار سعداء أيضا ؟
هل صحيح أنهم سعداء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن اللذة الحقيقية والسعادة والحياة الطيبة في هذه الدار لا تكون إلا في الإيمان بالله تعالى والتقرب إليه وابتغاء مرضاته، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}.

وكل من أعرض عن عبادة الله تعالى والإقبال عليه فليس له من هذه اللذة الحقيقية نصيب، بل إنه يحرم من اللذة بقدر إعراضه، وهذا الكافر بالله ورسله ليس له إلا المعيشة الضنك في دوره الثلاث، في الدنيا والبرزخ والآخرة؛ كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}.

وقد يشعرون بشيء من اللذة في هذه الدار؛ ولكن هذه اللذة التي تحصل لهم لا حقيقة لها في نفس الأمر، بل الآلام تحتوشهم وتستولي عليهم وهم لا يشعرون، فمثلهم كمثل سكران فقد أهله وماله ولكن حال سكره بينه وبين الشعور بعظيم المصيبة، قال شيخ الإسلام رحمه الله: وكل لَذَّة أعقبت ألما فِي الدَّار الآخرة أَوْ منعت لَذَّة الآخرة فَهِيَ مُحرمَة، مثل لذات الْكفَّار والفساق بعلوهم فِي الأرض وفسادهم مثل اللَّذَّة الَّتِي تحصل بالْكفْر والنفاق كلذة الَّذين اتَّخذُوا من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله، وَلَذَّة عقائدهم الْفَاسِدَة وعباداتهم الْمُحرمَة، وَلَذَّة غلبهم للْمُؤْمِنين الصَّالِحين وَقتل النُّفُوس بِغَيْر حَقّهَا وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر، وَلِهَذَا أخبر الله أن لذاتهم إملاء ليزدادوا إثما، وأنها مكر واستدراج مثل أكل الطَّعَام الطّيب الَّذِي فِيهَ سم. انتهى.

وقال ابن القيم ـ رحمه الله: فليس العشاق والفجرة والظلمة في لذة في هذه الدار، وإنما هم يعذبون فيها وفي البرزخ وفي القيامة؛ ولكن سكر الشهوة وموت القلب حال بينهم وبين الشعور بالألم، فإذا حيل بينهم وبين ما يشتهون أحضرت نفوسهم الألم الشديد وصار يعمل فيها بعد الموت نظير ما يعمل الدود في لحومهم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني