الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز تعيير المسلم بذنب قد تاب منه

السؤال

لقد ابتلاني الله بكل أنواع الهموم والأحزان, فأنا إنسان شاذ مارست اللواط, وفي كل مرة أندم وأحاول التوبة, لكني ضعيف الإيمان والإرادة, ففضحني الله في كبري وفي عقر داري, وصار الناس يسخرون مني, وينعتوني باللوطي, والآن تبت - والحمد لله – وسؤالي: هل افتضاح أمري بين الناس يدل على أنني ملعون؟ وهل من أشاع أسراري يعاقبه الله؟ وهل أحزاني وهمومي تكفير لسيئاتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أسرفت على نفسك إسرافًا عظيمًا بما ارتكبته من هذه الكبائر الموبقة، ولكن باب التوبة مفتوح لكل أحد, لا يغلق في وجه تائب حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا تبت توبة نصوحًا مستوفية لشروطها: من الإقلاع عن الذنب, والعزم على عدم العودة إليه, والندم الأكيد على ما اقترفته من المعصية, فإن الله تعالى يقبل توبتك برحمته, ويقيل عثرتك, ويغفر ذنبك, كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى:25}، ومهما كان ذنبك عظيمًا فإن عفو الله تعالى أعظم, ورحمته أوسع، فأحسن ظنك به, واصدق اللجأ والتضرع له سبحانه, وسله بذلة وانكسار أن يغفر لك ويتوب عليك، وليس ما ذكرته من افتضاحك بين الناس دليلًا على أنك ملعون, ولا على أن توبتك غير مقبولة، بل قد تكون هذه مصيبة ابتلاك الله بها ليكفر عنك من سيئاتك, ويحط من خطاياك.

وكل ما يصيبك من هم أو حزن فهو كفارة لذنوبك, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَم وَلاَ حَزَنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَم حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ. متفق عليه, غير أن الذي ينبغي لك ألا تستسلم للحزن, وألا تسترسل معه, بل احرص على التخلص منه ما أمكن, فإنه موقف غير مسير، وانظر الفتوى رقم: 167119.

ومن يؤذيك أو يعيرك ذكره بالله تعالى, وبين له أنك تبت من ذنبك, والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وبين لهم أنه لا يجوز تعيير المسلم أو أذيته بسبب ذنب قد تاب منه, فإن استجابوا فالحمد لله, وإلا فتبعة تعييرهم عليهم, والعاقبة لك - إن شاء الله -.

وأما من فضحك وكشف سرك وهتك سترك فأمره إلى الله تعالى, هو سبحانه أعلم بقصده من ذلك, وهو سبحانه حكم عدل لا يظلم الناس شيئًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني