الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تعمد المعصية استنادا إلى أن الصلاة تكفرها

السؤال

هناك من يظن أن الصلوات الخمس تكفر الخطايا - بمعنى أن يقوم الشخص بأداء الصلوات الخمس ويرتكب من الذنوب ما يرتكب - ثم يكون مطمئنًا بأن الله سيغفر له؛ لأنه أدى الصلوات الخمس, معتمدين في ظنهم على قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (يمحو الله بهن الخطايا) فهل هذا الظن صحيح أم ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن هذا الظن خطأ, فإن العبد إذا صلى الصلاة على وجهها, وأدى حقوقها, وأتى بواجباتها وخشوعها أثرت صلاته في قلبه وعمله, وجعلته ينتهي عما يسخط الله تعالى, كما قال جل اسمه: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت:45}، فهذا الذي يصلي ويصرُّ على المعاصي - وإن كان خيرًا ممن لا يصلي - لكنه فاسق, يدل فعله هذا على أنه مقصر في صلاته, غير آت بها على الوجه المشروع، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, كما ذكر الله في كتابه، وبكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدًا, بل الذي يصلي خير من الذي لا يصلي، وأقرب إلى الله منه، وإن كان فاسقًا, لكن قال ابن عباس: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إن العبد لينصرف من صلاته, ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها، حتى قال: إلا عشرها} فإن الصلاة إذا أتى بها كما أمر نهته عن الفحشاء والمنكر، وإذا لم تنهه دل على تضييعه لحقوقها، وإن كان مطيعًا, وقد قال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} الآية, وإضاعتها التفريط في واجباتها، وإن كان يصليها. انتهى.

كما أن الصلوات إنما تكفر الصغائر, كما ثبت التقييد بذلك في الحديث, فتحتاج الكبائر إلى توبة خاصة، والإصرار على الصغائر يصيرها كبائر كما هو معلوم. فيخشى على من يصر على ارتكاب الذنوب ألا تكون صلاته كفارة له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني