الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التمس الأعذار، ولا تلتمس الزلات

السؤال

بحق من خلق السماء والأرض أن تفيدوني برد جازم في مشكلتي عسى الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم بالله خالق السماء والأرض أن تعجلوا بردكم علي حتى لا أتخذ قراراً يغضب رب العالمين. فمشكلتي أنني شاب أبلغ من العمر 31 عشت فترة شبابي كلها في فسق وانحراف ليس بسبب سوء التربية ولكن بسبب أصحاب السوء والتقصير في تربيتي إسلاميا منذ الصغر، هذا ما تفتحت عليه عيناي الآن وأدركته بعد أن هداني الله وأصبحت من رواد المساجد، ممن يخافون رب العالمين أعمل بالخارج منذ سنوات وبحكم بعدي عن بلدي فقد اختار لي أهلي فتاة ريفية من قرية تقرب من نفس القرية التي أقطن بها لم أعرفها لا أعرف أحداً من أهلها فسلمت الأمر إلى أهلي بحكم أنهم يعلمون عني بهذه الأمور وأنها بنت ناس طيبين وسمعتهم طيبة فأنا لا أريد أكثر من ذلك المهم سامحوني في الإطالة لأن الأمر مصيري المهم تمت خطبتي لهذه الفتاة وأنا غير موجود بواسطة الأهل ونزلت بعد ذلك بعام تقريباً ولكن ضاق صدري عندما دخلت إلى هذا البيت لم أحس بارتياح لأوضاع تضيق صدري مثل وجود أحد أقاربهم بالبيت ورب البيت غير موجود وتشنجت لهذا وكانت ردود بعض المقربين أنني تعديت قليلا وللأسف هذه نظرة كثير من الناس في مجتمعنا لهذه الأمور أما أنا على عكس ذلك على الرغم من أنني كنت منحرفاً، ولكن لا أقبل بهذه الأمور على أهلي أو في بيتنا المهم بعد الخطبة بعام نزلت من الخارج مرة أخرى لأتزوج من هذه الفتاة وتم الزواج، ولكن بعد الزواج وجدت لديها بطاقة فسألتها عنها قالت: من صديقة فسألتها ما اسم صديقتك هذه قالت نجلاء، ولكن الحرف المكتوب لا يدل على أن صاحبتها اسمها نجلاء والحرف الثاني طبعاً أول حرف من اسم زوجتي فصفعتها وقلت لمن البطاقة وبعد ضرب وتعنيف اعترفت أنها بطاقة من شاب أرسلها لها عن طريق صديقة لها وهي طالبة بالمدرسة ولم تهتم بهذا الأمر، واخترعت لي كذبة وحكاية لم أقتنع بها، فسألتها ما دامت البطاقة ليست لها أهمية عندك لماذا تحضرينها من بيت أهلك إلى بيتي فلم تجب، المهم أنني غفرت لها هذا بعد بكاء شديد منها وتوسل لي وطلب السماح وكان رد فعلي أنني كنت كريماً معها وغفرت لها ذلك وجلست معها ثلاثة أشهر، وعدت مرة أخرى إلى الخارج وعدت بعد شهر لها بإجازة جديدة فأصبحت تساؤلات زوجتي عن أخي الذي يصغرني سناً كثيرة ووجد بألبوم الصور صورة أخي فكان ذلك كالخنجر بالنسبة لي وتمالكت وعملت نفسي لا أبالي فأخي هي لم تره حتى الآن لأنه أيضاً بالخارج فما أحسه والله ميول زوجتي إلى أخي الذي لم تره وهذا من انتباهنا الشديد عندما نجلس في منزلنا وتتحدث أمي مع أختي أو أبي عن أخي هذا قد أحس بالجنون سافرت وطلبت أن تجيء إلي حتى تعيش معي في البلد الي أعمل فيه لأنني لا أستطيع السفر ذهاباً وإياباً كل فترة فوافقت ..أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فنقول للأخ السائل هون عليك فالأمر جد يسير إن شاء الله، والذي يظهر من حالك أنك رجل شديد الغيرة، والغيرة صفة محمودة في الرجل، لكنها قد تنقلب إلى صفة مذمومة إذا تجاوزت حدود المعقول، فنصيحتنا لك ألا تطلق لغيرتك العنان، وعليك أن تردها إلى حد الاعتدال، ثم اعلم أن ديننا الحنيف يدعو إلى تقوية بنيان الأسرة المسلمة، لأن الأسرة لبنة المجتمع، فإذا كانت قوية كان المجتمع قوياً، ولهذا فقد طلب الشارع أموراً من شأنها أن تزيد الأسرة والمجتمع قوة وصلابة، كبرِّ الوالدين وصلة الرحم، والإحسان إلى الزوجة... إلخ.
وحذر من أمور من شأنها أن تضعف الأسرة المسلمة أو تقوض أركانها، ومن ذلك ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر " وعن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً، يتخونهم أو يتلمس عثراتهم. متفق عليه، واللفظ لمسلم
وعليك أخي السائل أن تعمل بهذين الحديثين السابقين، فإن كرهت من أهلك خلقاً فسترضى منها خلقاً آخر بإذن الله، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحسن الظن بأهلك، ولا تتخونهم، فذلك أحرى أن تدوم العشرة بينكما، ثم اعلم أن احتفاظ امرأتك ببطاقة ما ليس دليلاً على تعلقها بصاحب البطاقة، فلربما حملتها مع أغراضها مصادفة من غير قصد، ولربما احتفظت بها عمداً لسبب ما يتعلق بالبطاقة وليس بمن أرسلها.
على أي حال فالتمس الأعذار، ولا تلتمس الزلات، ثم إن سؤالها عن أخيك ليس دليلاً كذلك على تعلقها به، فطبيعة المرأة أنها تريد أن تعرف كل شيء عن زوجها، وعن أهله، ولهذا ربما تكثر السؤال عن إخوانه وأخواته. ونصيحتنا لك أن تترك هذه الوساوس والهواجس التي تشعر بها، فإنما هي من الشيطان اللعين الذي يريد أن يوقعك في شباكه حتى يفرق بينك وبين زوجك، فاستعذ بالله منه، والجأ إلى الله سبحانه، وهو القائل جل وعلا: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) ، وقم باستقدام زوجتك إلى البلد الذي تعمل فيه، فإن البعد كما قالوا يولد الجفاء، وتحبب إليها وأحسن عشرتها، وتمثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، فإذا فعلت ذلك فسترتاح نفسك بإذن الله، والله المسؤول أن يطهر قلبك، وأن يؤدم بينك وبين زوجك.
هذا؛ وقد جاء في معرض سؤالك أنك قد صفعت امرأتك وضربتها، فاعلم أن صفع المرأة على وجهها لا يجوز بحال، لحديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت. رواه أبو داود وقال النووي : حديث حسن، قال صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود: وفيه دليل على وجوب اجتناب الوجه عند التأديب انتهى.
كما أن ضرب المرأة عموماً لا يشرع للرجل بغير إذن شرعي كالنشوز، على أن يسبقه الوعظ ثم الهجر في الفراش، وعلى أن يكون ضرباً غير مبرح، بل قد قال الشافعية: الأولى ترك الضرب مع النشوز. وقد قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) [النساء:34]
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني