الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من اقترف معاصي توجب حدودا

السؤال

هناك شخص قبل أن يتزوج مارس اللواط أكثر من مرة مع أكثر من شخص، وأتى عدة فتيات من أدبارهن، وزنى أكثر من مرة مع أكثر من امرأة، وسرق كثيرا، وشرب الخمر كثيرا، ودخن الحشيش، وعندما تزوج تاب من كل ذلك، ولكنه أتى امرأته في دبرها مرة واحدة وتاب من ذلك، وهو الآن يريد أن يطهر نفسه من هذه الذنوب، فما هي الحدود التي تجب إقامتها عليه في الإسلام؟ وهل إقامة هذه الحدود عليه في الدنيا تعفيه من عذاب الآخرة؟.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنيئا لك التوبة من هذه المنكرات العظيمة، ونسأل الله تعالى لك القبول والثبات.. واعلم أن التوبة الصادقة المستوفية للشروط تمحو كل الأوزار والآثام، حتى تصير كالعدم، يقول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كم لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.

وقد سبقت الإشارة إلى شروط التوبة الصادقة في الفتوى رقم: 78925، فراجعها.

فإذا تبت إلى الله تعالى مما كان منك ـ وفق هذه الشروط المبينة في الفتوى ـ فإن ذلك يكفيك، ويمحو عنك ما اقترفت من خطايا ـ بإذن الله تعالى ـ ومن تاب تاب الله عليه، ثم إن الحدود ليست شرطا في تكفير الذنوب، كما أنه ليس مطلوبا ممن اقترف ذنبا يترتب عليه حد في الدنيا أن يشهر بنفسه ويأتي طالبا إقامة الحد عليه، بل الأولى له أن يستتر بستر الله، روى مالك في الموطأ: أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِسَوْطٍ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ، فَقَالَ: فَوْقَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ، فَقَالَ: بين هَذَين، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رُكِبَ بِهِ وَلاَنَ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ، نُقِيمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ.

فحاول ـ بارك الله فيك وثبتك وأعانك على الصبر عن المعاصي ـ أن لا تعود إلى ارتكاب هذه الذنوب، ولا تخبر أحدا بشأنها، واسأل الله المغفرة والصفح، وأكثر من الأعمال الصالحة، فالحسنات تمحو السيئات، كما قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.

ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 56747، 66209، 20223، 4340.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني