السؤال
أريد أن أفهم شيئا حيرني كثيرا في قصة سيدنا إبراهيم الخليل، عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم.
عندما نقرأ في قصص الأنبياء ذكر أهل الأخبار والتفسير أن سيدنا إبراهيم كان عمره 86 سنة، عندما ولد ابنه إسماعيل، وسيدنا إبراهيم جاء قبل سيدنا موسى بزمن كبير؛ ولذلك يجب أن يكون عمر سيدنا إبراهيم وقومه أكبر من عمر سيدنا موسى وقومه.
قال موسى في ليلة الإسراء والمعراج: غلام بعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي.
ومعنى كلمة: غلام أن عُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة لعمر موسى وقومه قصير جدا؛ لذلك قال عنه: غلام.
هل أهل الأخبار والتفسير عندما ذكروا عمر سيدنا إبراهيم، لا يقصدون عمره الحقيقي، وإنما يقصدون تقريب عمره لعمرنا نحن؛ كي نفهم المعجزة، أم إن كلامهم حقيقي، وأن عمر سيدنا إبراهيم آنذاك كان 86 سنة؟
أريد أن أفهم هذه القصة جيدا.
وشكرا مقدما لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكره أهل الأخبار من أن عمر إبراهيم عليه السلام، عندما ولد ابنه إسماعيل، كان ستا وثمانين سنة، يريدون به حقيقة عمره عندما ولدإسماعيل.
فقد قال ابن كثير- رحمه الله- في قصص الأنبياء عن هاجر: وولدته ولإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة، قبل مولد إسحاق بثلاث عشرة سنة، وأوحى الله إلى إبراهيم يبشره بإسحاق من سارة، فخر ساجدا لله. انتهى.
ولا يلزم من هذا أن يكون عمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أطول عمرا من عمر موسى عليه الصلاة والسلام، وإن تقدم إبراهيم على موسى في الوجود؛ فإن العمر هو: اسم لمدة عمارة البدن بالحياة -كما في تاج العروس-، ولا يلزم من تقدم الوجود، طول عمر المتقدم على المتأخر، فقد يولد أحدهم في القرن الأول –مثلا- ولم يعش إلا عشر سنين، ويولد آخر في القرن الثاني، ويعيش خمسين سنة، فيكون أطول عمرا من الأول. وهذا من الواضحات.
وقد ذكرت بعض كتب التاريخ أن إبراهيم وموسى صلوات الله عليهما وسلامه، قد توفي كل منهما عن مائة وعشرين سنة، إلا أن هذه الأخبار لا يمكن الجزم بها في تحديد أعمارهما عليهما الصلاة والسلام.
فعلى ما ذكرته كتب التاريخ من عمر موسى عليه الصلاة والسلام، يكون أطول عمرا من عمر نبينا عليه الصلاة والسلام، وهو ما يشير إليه قول موسى عليه السلام في حديث المعراج، لما تجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم بكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاما بعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي. انتهى.
قال القسطلاني- رحمه الله- في شرحه لصحيح البخاري: وقوله: غلام. مراده به أنه صغير السن بالنسبة إليه، وقد أنعم الله عليه بما لم ينعم به عليه مع طول عمره. انتهى.
والله أعلم.