الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التعلم والتدريس في الجامعات المختلطة

السؤال

أنا طالب في شعبة الفيزياء في بلاد عربية(المغرب) لكن تكمن مشكلتي في كون بلادي ليس بها جامعات غير مختلطة، وحتى العمل بعد التخرج يكون أغلبه مختلطا!
كنت أود أن أكمل الماجستير ثم الدكتوراه بفرنسا (لجودة التعليم، ولفرص قبولي هناك عندهم، ولتضاؤل الفرص لدي في بلادي) هذا لأصبح أستاذا جامعيا أو مهندسا -إن شاء الله- بعد التخرج، ثم العودة إلى بلادي للتدريس هنالك بالجامعات، أو العمل في مجال تخصصي، لكنني بعدما بحثت وجدت أنه لا تجوز الدراسة المختلطة، ولا يجوز أيضا العمل في مكان مختلط للأسباب التي ذكرتموها في فتاوى سابقة، ناهيك عما قرأته للشيخ الألباني -رحمه الله- عن حرمة مال الأجرة المكتسب من التعليم والتدريس المختلط، حيث استدل بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه».
فبدأت أعدل عن فكرة تتمة دراستي في هذا المجال خوفا من أن يكون كسبي حراما، ثم راودتني فكرة التوجه نحو دراسة الطب (رغم كوني سأفقد ثلاث سنين دراسية)، واخترت التوجه نحو هذه الدراسة، لأنها تمكنني من أن أحفظ دروسي في بيتي، وبذلك يقل الذهاب للكلية، وتجنب الاختلاط ما عدا في الأشغال التطبيقية التي لا بد منها، والتي يشوبها هي الأخرى الاختلاط بالمستشفيات، وعند التخرج أتخصص في مجال يخص الذكور دون الإناث، وبهذا يكون جُل مرضاي من الذكور، وبالتالي؛ يكون كسبي حلالا.
فبماذا تنصحونني -أعانكم الله- فأنا في حيرة من أمري منذ مدة؟ ولا أدري ما العمل: هل أكمل دراستي في شعبة الفيزياء، وأذهب للجامعة مع غضي بصري -الذي هو واجب في جميع الظروف والأحوال- أم ترك هذا المجال، وأتوجه نحو دراسة الطب أم ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن الاختلاط بالمعنى المعهود في المدارس والجامعات يعتبر من المنكرات، وذكرنا أن الأصل: أنه لا يجوز الحضور إلى هذه الأماكن، ولا الدراسة فيها إلا إذا تعينت سبيلًا لتحصيل العلم، ولا يوجد غيرها، فحينئذ تجوز الدراسة مع التزام الدارس بآداب الشريعة من غض البصر، وترك الخلوة، ونحو ذلك، ولا يمكن القول بتحريم الدراسة في تلك الأماكن بإطلاق؛ لأن هذا فيه من المشقة على العباد ما لا يخفى، ويترتب عليه أن تترك الأمةُ تحصيلَ العلوم الدنيوية التي تعتبر من فروض الكفايات، كما أن القول بتحريم كسب التدريس فيها لا نرى أنه صواب؛ لأن الكسب إنما هو مقابل تدريس العلم، وليس مقابل الاختلاط.

والذي يمكننا قوله لك هو: أنك إن تمكنت من إتمام دراستك في جامعة غير مختلطة تعين هذا عليك، وإن لم تجد جاز لك الدراسة في الجامعة المختلطة في التخصص الذي ترى أنك تقدر على التحصيل فيه مع وجوب غض البصر، وترك الخلوة، والبعدِ عن الاختلاط بالنساء بقدر المستطاع، وإن انتقلت من شعبة الفيزياء إلى علم آخر تبلي فيه بلاء حسنًا مراعاة لقلة الاختلاط، فهذا جيد، ولا نرى أنه واجب عليك ما دام أنك ستخسر ثلاث سنين من الدراسة، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وانظر الفتوى رقم: 252736 عن المدارس المختلطة وحاجة التعلم.. المشكلة والحل، والفتوى رقم: 5310 عن حكم الدراسة في الأماكن المختلطة إن انضبطت بالضوابط الشرعية، والفتوى رقم: 214858 عن حكم عمل وراتب المعلم في مدارس مختلطة.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني