الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج الكي بعد استنفاد الوسائل الشرعية والتربوية

السؤال

السلام عليكم فضيلة الشيخ: أنا شاب متزوج ولدي ثلاثة أطفال، إلا أن زوجتي نكدية علما بأني تزوجتها من مدة اثنتي عشرة سنة، فهي في أغلب الأحيان عصبية المزاج وأحيانا تصلي وأحيانا لا، وكثيرا ما تبحث عن المشاكل سواء معي أو مع أسرتي، علما بأني أقيم في سكن بعيد عن أسرتي، ولا تسمع النصيحة سواء من أهلي أو أهليها، وتصرخ في البيت بأعلى صوتها وتريد الحصول على طلباتها في نفس اليوم، وكثيرا ما تسبب لي المشاكل حتى مع الجيران، وفي الواقع أصبحت أفكر في طلاقها، ولكن عند ما أتذكر الأطفال أعدل عن رأيي وأقول أصبر من أجل أطفالي حتى أني لا أعرف هل هذا جبن مني، أم هذا صبر وسأؤجر عليه، أرجو منكم دلوني كيف أتصرف مع هذه الزوجة النكدية، بمعنى كل هذه الكلمة، أرجو الإسراع في الرد وأنا في الانتظار بفارغ الصبر، لكم مني كل شكر وتقدير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى بالنساء في غير ما حديث؛ فقال صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عندكم عوان ليس تملكون منهنَّ شيئًا غير ذلك... إلى آخر الحديث. رواه ابن ماجه ، وقال صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي . وقال: اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجه ومعنى أحرج: أي أضيق على الناس في تضييع حقوقهما، وأشدد عليهم في ذلك. والإحسان إلى المرأة ومعاشرتها بالمعروف والتغاضي عن هفواتها كل ذلك مطلوب ومرغب فيه؛ ولو لم تكن مستقيمة.. فالرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه يقول: استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء... وبهذا يتبين للسائل مدى أهمية الحرص على معاملة الزوجة بالمعروف والرفق بها والإحسان إليها، وأنها في الغالب لا تخلو مما يكدر صفو الزوج بأذيتها له بلسانها. فهذا من طبعها، وعلاج ذلك هو التجاوز عنها ونصحها برفق ولين، فإن كفت عن أذية زوجها وعصيانها لأمره فالحمد لله، وإلا فقد شرع الله له ما يعالج به المشكلة في قوله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً[النساء:34]. وقد عرف العلماء النشوز بأنه: الخروج عن الطاعة الواجبة كأن تمنع زوجها من الاستمتاع بها، أو تخرج من بيته بلا إذنه أو رضاه، أو تترك حق الله تعالى كالغسل أو الصلاة. وعليه؛ فإنا ننصح السائل بأمر زوجته بالصلاة قبل كل شيء، وتوجيهها إليها ووعظها، فيذكرها بعقوبة تارك الصلاة، فإن كفى الوعظ فبها ونعمت، وإلا فقد أذن الشارع له في هجرها في الفراش، فإن لم يفد انتقل إلى الضرب غير المبرح وهو الذي لا يشين ولا يكسر العظم. وهذه الخطوات يتبعها معها عندما تصدر منها أي مخالفة له فيما تجب عليها فيه طاعته. أما الطلاق فهو الحل الأخير الذي لا ينبغي أن يصار إليه إلا عندما تستنفد جميع الحلول المختلفة خصوصًا أن هذه المرأة أصبحت ذات أولاد، ولا يخفى ما في الطلاق وتفكك الأسرة على الأبناء من الآثار السلبية والنتائج الوخيمة. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني