السؤال
عندي سؤال عن يوم الجمعة: هل الصلاة في مسجد الحي أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع، ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها، وقيامها، أم الذهاب إلى مسجد المقبرة للصلاة على أربع أو خمس جنائز أفضل؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
ففي كل من الأمرين المسؤول عنهما خير، ولم نجد نصًّا عن الفقهاء في المفاضلة بينهما، ولكن الذي يظهر لنا أنه إذا لم يمكن المشي على الأقدام إلى المسجد البعيد الذي فيه الجنائز، فإن صلاة الجمعة في المسجد القريب مشيًا على الأقدام أفضل من صلاتها في المسجد البعيد ركوبًا، ولو مع ثواب صلاة الجنازة؛ وذلك لأن ثواب الصلاة في المسجد القريب مشيًا أفضل، فثوابها كما في الحديث: بِكُلِّ خَطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ صِيَامُهَا، وَقِيَامُهَا.
ولا شك أن هذا يفوق أجر صلاة الجنازة، ولو كانت الجنائز متعددة، فبكل خطوة إلى المسجد القريب ثواب عبادتين لمدة سنة كاملة، هما: الصيامُ، وقيام الليل، وكل واحدة منهما على انفراد أفضل ثوابًا من صلاة الجنازة، فكيف بهما إذا اجتمعا ولسنة كاملة؟!
فالصيام قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ. رواه النسائي، وغيره.
وقيام الليل أفضل من صلاة الجنازة؛ لأن صلاة الجنازة تعتبر من صلاة التطوع في حق غير من يؤدى بهم فرضها، وإذا كانت في حقه تطوعًا، فإن أفضل صلاة التطوع قيام الليل؛ لحديث: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ قِيَامُ اللَّيْلِ. رواه النسائي، وابن حبان، وابن خزيمة.
وقد كان بعض السلف أيضًا يفضل الجلوس في المسجد على صلاة الجنازة؛ لما يحصل من الجلوس فيه من استغفار الملائكة، كما قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى-: وقال حكيم بن زريق: قيل لسعيد بن المسيب: أحضور الجنازة أحب إليك أم الجلوس في المسجد؟ فقال: من صلى على جنازة، فله قيراط، ومن شهد دفنها، فله قيراطان، والجلوس في المسجد أحب إليّ؛ لأن الملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تب عليه. اهـ.
والجلوس في المسجد القريب أكثر من المسجد البعيد فيما نظن، هذا ما ظهر لنا.
والله تعالى أعلم.