السؤال
ما حكم من كان إيمانه قوياً ويعمل به قولاً وعملاً، وعنده غيرة على الدين وحرقة، ولا يرضى على الله ورسوله والمسلمين بأي إهانة، ولكنه لم يقصر ثوبه، ولم يطلق لحيته بأكملها، ولكنه اكتفى باللحية القصيرة؟
ما حكم من كان إيمانه قوياً ويعمل به قولاً وعملاً، وعنده غيرة على الدين وحرقة، ولا يرضى على الله ورسوله والمسلمين بأي إهانة، ولكنه لم يقصر ثوبه، ولم يطلق لحيته بأكملها، ولكنه اكتفى باللحية القصيرة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن اجتمعت فيه هذه الصفات: الغيرة على الدين، والإيمان القوي، وتعظيم حرمات الله، فهو على خير عظيم، وعليه أن يجتهد في المزيد، فإن مدارج الكمال ومراقي الفلاح لا يعلم منتهاها إلا الله.
وقد تقع الهفوة والزلة من العبد الصالح والولي الفاضل، إلا أن الإيمان القوي يدفعه إلى الندم والتوبة والفرار من الذنب.
والإصرار على الذنب، وتسويف التوبة قادح في الغيرة، مضعف للإيمان، موجب لتسلط الشيطان، وقد قال الله تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ [الحجر:42].
ومن ذاق حلاوة الإيمان، وعرف طعم العبودية، وعصمه الله من الكبائر، كان إصراره على الذنب الصغير مستغرباً في حقه، منافياً كمال حاله.
وإذا صدق المؤمن في محبته لنبيه صلى الله عليه وسلم، وعظمت رغبته في اتباع السنة لم يبق في قلبه حرج في تطبيقها، ولم يكن له داعية هوى إلى مخالفتها.
وقد ثبت في دواوين السنة توفيره صلى الله عليه وسلم للحيته، وتقصيره لثوبه، فما على المحب إلا الاقتداء. روى النسائي عن البراء قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً مربوعاً عريض ما بين المنكبين كث اللحية تعلوه حمرة. وعن مسلم من حديث جابر بن سمرة قال: وكان كثير شعر اللحية.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية وإعفائها، وهذا يقتضي عدم المساس بها مطلقاً: فروى البخاري: خالفوا المشركين، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. ولمسلم: أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى. وفي الصحيحين: وأعفوا اللحى.
وروى مسلم وأبو داود عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية. وعن الترمذي: أمرنا بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى.
فهذه أدلة صريحة تفيد وجوب إعفاء اللحية وإرخائها وتوفيرها، المنافي للأخذ منها وتقصيرها. والحجة في قوله صلى الله عليه وسلم لا في قول غيره، وفي فعله لا في فعل غيره.
وأما تقصير الثوب، فحسبك فيه قوله صلى الله عليه وسلم: إزرة المؤمن إلى نصف الساق، ولا جناح عليه فيما كان بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني