الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج على الوالدين في السماح لابنهم البالغ بالسفر للدراسة

السؤال

المشكلة هي سفر الابن للدراسة الجامعية بمفرده، فنحن أسرة تقيم في بلد آخر غير بلدنا الأصلي، والابن يريد أن يذهب للدراسة في البلد الأصلي بعد الصف الثاني الثانوي، ويرفض أن يكمل العام المتبقي، ويرفض أن يدرس المواد التي تؤهله للدراسة في البلد الذي نقيم فيه، وبنفس الوقت يصعب على الأسرة النزول لأجله هو فقط، ونحن نخاف عليه، لأن عمره 17 عامًا، وأنتم تعلمون المشاكل التي يمكن أن تحدث في مثل هذا العمر، وخصوصًا في غياب، أو بُعْدِ الأهل.
فهل يأثم الأب والأم إن تركاه يسافر للدراسة بمفرده؟ وإلى أيِّ عمر أو مرحلة يجب على الوالدين رعاية الأبناء؟ ومتى يمكن تركهم للاعتماد على أنفسهم في الحياة؟ وهل يأثم الابن إذا رفض دراسة آخر سنة من المرحلة الثانوية، كي يكون بجانب أهله؟ وما نصيحتكم في هذا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يأثم الوالدان إذا أذنوا لابنهم البالغ في السفر للدراسة، ورعاية الأولاد بمعنى الحضانة التي هي القيام بشئون المحضون وحفظه عما يضره؛ تنتهي بالبلوغ إذا كان صحيحًا.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا تثبت الحضانة إلا على الطفل أو المعتوه، فأما البالغ الرشيد، فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلًا، فله الانفراد بنفسه، لاستغنائه عنهما، ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما. انتهى.

وجاء في الجامع لمسائل المدونة: قال مالك: وإذا احتلم الغلام، فله أن يذهب حيث شاء، وليس لأبيه منعه. انتهى.

وإذا كان الابن البالغ محتاجًا للدراسة في بلد آخر؛ فله أن يسافر ولو لم يأذن له والداه، إذا لم يكن في سفره تضييع لوالديه، ولا خوف عليه، ولا يكون آثمًا بمخالفتهما، أو عاقًا لهما بذلك.

جاء في المحيط البرهاني في الفقه النعماني: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو لحج أو عمرة، فكره ذلك أبواه له أن يخرج بغير إذنهما......

فإن كان يخاف الضيعة عليهما، فإنه لا يخرج بغير إذنهما. انتهى مختصرًا. وراجعي الفتوى: 254140.

لكن الأولى للولد ألا يخالف أمر والديه، وأن يحرص على طاعتهما وبرهما والقرب منهما، ويعلم أنّ الوالدين -في الغالب- أحرص الناس على ما ينفع أولادهما، ولهما من الخبرة والدراية ما ليس للولد.

ونصيحتنا لكم؛ أن تتدبروا أمر ابنكم وما فيه صلاحه في دينه ودراسته، وتستعينوا بالله تعالى وتتوكلوا عليه وتستشيروا أهل المعرفة والخبرة من الأقارب أو غيرهم من العقلاء العارفين بحال بلدكم، وحال الولد، وأحوال الدراسة؛ وتتفاهموا مع ابنكم، وتقدموا ما تظهر فيه المصلحة الأكبر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني