الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ جهة توظيف مالا من المتقدم، على أن له حق استرداده إذا لم يتم توظيفه، عقد صحيح

السؤال

جهة توظيف خاصة أخذت مني مبلغا من المال، وأعطتني إيصالا باستلام المبلغ، وهذا بعد مقابلة شخصية معهم، وإبلاغي بتفاصيل الوظيفة، والتأكد من كونها مناسبة لي، وتواصلهم مع جهة العمل؛ للتأكد من أن الوظيفة ما زالت متاحة. وسيتم تحديد موعد للمقابلة مع مسؤول العمل في جهة العمل، مع وجود عقد لمدة سنة مع جهة التوظيف، فيكون معي خطاب تعيين -صالح لمدة 15 يوما- وهو موجه لجهة العمل، فيه بياناتي، وتفاصيل مكان العمل، والوظيفة. وإذا تم رفضي من جهة العمل يمكن استرداد المبلغ بالعودة لجهة التوظيف بخطاب التعيين به توقيع جهة العمل بالرفض، وأيضا إيصال استلام المبلغ المدفوع، أو يمكن العودة لهم؛ لتوفير فرص أخرى مناسبة. وكذلك إذا حدث اختلاف في بيانات الوظيفة عن التي تم ذكرها، وكتابتها في خطاب التعيين يمكن استرداد المبلغ، أو العودة لتوفير فرص أخرى، وإذا تركت العمل -أيضا- لسبب ما بغير اختياري، يمكن الرجوع للشركة؛ لتوفير فرص جديدة، بدون مقابل بعدها لمدة سنة العقد.
ما حكم هذه المعاملة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في أخذ جهة التوظيف لهذا المبلغ بالشرط المشار إليه في السؤال: (إذا تم رفضي من جهة العمل يمكن استرداد المبلغ .... الخ).

ويكون ذلك من باب الجعالة، أو الإجارة بشرط إتمام العمل (وهو هنا حصول التوظيف بالفعل)، فإذا لم يتم العمل، استرد الجعل، أو الأجرة.

قال خليل في مختصره: صحة الجعل بالتزام أهل الإجارة جُعلا عُلم يستحقه السامع بالتمام، ‌ككراء ‌السفن. اهـ.

قال الدردير في «الشرح الكبير»:(بالتمام) للعمل بتمكين ربه منه، وإلا لم يستحق شيئا (ككراء السفن)، هذا تشبيه في أنه لا يستحق فيه الأجر إلا بتمام العمل ...

ومثل السفينة مشارطة الطبيب على البرء، والمعلم على حفظ القرآن، أو بعضه، أو صنعة، والحافر على استخراج الماء بموات مع علم شدة الأرض، وبعد الماء ...

فهذه الأشياء إجارة لازمة، إلا أن لها شبها بالجعالة من حيث إنه لا يستحق الكراء إلا بتمام العمل ... واعلم أن هذه المسألة إنما تكون من الإجارة على البلاغ، إن صرح عند العقد بالإجارة، أو سكت، ولم يصرح بشيء، أما إن صرح عنده بالجعالة كانت جعالة. اهـ.

ومن أهل العلم من لا يصحح ذلك إلا جعالة، كمشارطة الطبيب على البرء، أو شفاء المرض.

قال ابن قدامة في «المغني»: فأما إن قدرها بالبرء، فقال القاضي: لا يجوز؛ لأنه غير معلوم. وقال ابن أبي موسى: لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء؛ لأن أبا سعيد حين رقى الرجل، شارطه على البرء.

والصحيح -إن شاء الله- أن هذا يجوز، لكن يكون جعالة، لا إجارة؛ فإن الإجارة لا بد فيها من مدة، أو عمل معلوم.

فأما الجعالة، فتجوز على عمل مجهول، كرد اللقطة، والآبق، وحديث أبي سعيد في الرقية إنما كان جعالة، فيجوز ههنا مثله. اهـ.

والمقصود هو صحة العقد، سواء أكان إجارة على إتمام العمل، أو جعالة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني