الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم لعب الرياضة بعد صلاة العشاء

السؤال

ما حكم لعب الرياضة بعد صلاة العشاء، مع العلم أن العشاء يؤذن لها عندنا حوالي الساعة السادسة والربع، والفجر عند الساعة الخامسة وخمس دقائق تقريبا... وأنا أذهب إلى النادي بعد صلاة العشاء بقليل، وأرجع إلى المنزل غالبا حوالي الساعة التاسعة والثلث تقريبا؟ وهل توجد كراهة في هذا؟ أم أنه مباح؟ وقد سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن السهر بعد العشاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الاشتغال بالمباحات بعد العشاء جائز للحاجة؛ ويدخل في ذلك الرياضة الجسمية الصحية، ويكره الاشتغال بعد العشاء بما لا تدعو له الحاجة من اللغو، والأحاديث، والألعاب غير المفيدة، فقد بوب الإمام البخاري في الصحيح فقال: باب ما يكره من السمر بعد العشاء - ثم أسند فيه الحديث، عن أبي برزة الأسلمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء، وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها.

وجاء في فتح الباري لابن حجر -2/ 73: قوله: وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها ـ لأن النوم قبلها قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقا، أو عن الوقت المختار، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم عن الصبح، أو عن وقتها المختار، أو عن قيام الليل، وكان عمر بن الخطاب يضرب الناس على ذلك، ويقول أسمرا أول الليل، ونوما آخره... اهـ.

وقال النووي: وَسَبَب كَرَاهَة الْحَدِيث بَعْدهَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى السَّهَر، وَيُخَاف مِنْهُ غَلَبَة النَّوْم عَنْ قِيَام اللَّيْل، أَوْ الذِّكْر فِيهِ، أَوْ عَنْ صَلَاة الصُّبْح فِي وَقْتهَا الْجَائِز، أَوْ فِي وَقْتهَا الْمُخْتَار، أَوْ الْأَفْضَل، وَلِأَنَّ السَّهَر فِي اللَّيْل سَبَب لِلْكَسَلِ فِي النَّهَار عَمَّا يَتَوَجَّه مِنْ حُقُوق الدِّين، وَالطَّاعَات، وَمَصَالِح الدُّنْيَا. انتهى من شرح صحيح مسلم.

وقال الكرماني في الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري -4/ 211: فإن قلت: قد تقدم مرارا أنه صلى الله عليه وسلم تحدث بعد العشاء، قلت: قالوا المكروه هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما فيها مصلحة وخير، فلا كراهة، وذلك كدراسة العلم، وحكايات الصالحين، ومحادثة الضيف، والتأنيس للعروس، والأمر بالمعروف، ونحوه، وقالوا سبب كراهة النوم قبلها أنه يعرضها لفوات وقتها، باستغراق النوم، ولئلا يتساهل الناس في ذلك فيناموا عن صلاتها جماعة، وكراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلى السهر، ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل، أو الذكر فيه، أو عن صلاة الصبح، ولأن السهر سبب الكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدين، ومصالح الدنيا... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني