الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الهجر بين أولي الأرحام أشد حرمة

السؤال

تزوجت من زوجة ثانية فنشب خلاف بين والدتي ووالدة زوجتي شقيقة والدتي وزوجتي أدى إلى القطيعة ، منذ أربع سنوات والدتي ترفض الصفح عن زوجتي بسبب موقف والدتها وخالتي ترفض الاعتذار مع الإصرار على القطيعة، الموقف متوتر بيني وبين زوجتي بسبب ذلك هجرت زوجتي الهجر الشرعي دون فائدة ، موقفها كوالدتها كيف أرضي والدتي كيف أعاشر من تهجرها كيف 1000سؤال وسؤال أريد توجيهكم وهل علي إثم لو قررت هجر زوجتي الأولى تماما إلى أن تسوى الأمور أم ماذا أعمل أفيدوني حفظكم الله .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد شدد الإسلام في وجوب صلة من الرحم وحذر من قطعها، وجعل ذلك من المحرمات، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد: 22}.

قال ابن كثير في تفسيره: وهذا نهي عن الإفساد في الأرض عموماً وعن قطع الأرحام خصوصاً، بل قد أمر الله تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال.

وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله تعالى الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن عز وجل فقال: مه، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال تعالى: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذلك لك.

ومن هذا يتبين لأمك وخالتك وزوجتك حرمة ما هن عليه من التقاطع، وبالتالي فالواجب عليهن المبادرة إلى التوبة لأن الهجر إذا كان ممنوعاً بين المسلمين عموماً فهو بين أولي الأرحام أشد حرمة، وعليك أن تسعى للصلح بين الجميع، لأن ذلك يدخل في باب النصيحة للمسلمين وتغيير المنكر، وما كان لوالدتك أن تهجر زوجتك أو تقاطعها من أجل أن أمها تقاطعها أو بينها وبينها شحناء.

كما لا يجوز لك أنت أيضاً أن تهجر زوجتك لمجرد أن والدتك لا تحبها ومقاطعة لها، والخلاصة أن الخلاف الواقع بين أمك وبين أختها أم زوجتك، وما يترتب عليه من قطع وهجر لا يبرر لك هجر زوجتك ولا يسوغ لأمك قطعها إذ لا ذنب لها في ذلك، ولا تعامل بمقتضاه ، ولا يجوز لها هي أيضاً أن تهجر أمك من أجل الخلاف بينها وبين أمها، وإن هجرتها لذلك أو لأمر آخر لا يبرر لها شرعاً هجرهاً فلك أنت أن تأمرها بصلتها.

ويجب عليها أن تطيعك في ترك قطيعة والدتك، ولأن طاعتك واجبة عليها في المعروف، ولا شك أن صلة الخالة من آكد المعروف وأولاه، فإن لم تستجب لذلك فهي عاصية، ويطبق عليها حكم النشوز المبين في الفتوى رقم: 1103.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني