الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النية تخصص العام وتقيد المطلق في الأيمان

السؤال

لي قريبة تدعى رقية، تزوجت من أبي القاسم ، وصارت بينهم مشكلة ، أرادت بعدها رقية الطلاق ، ورفض ذلك ، فقامت واتصلت برجل غريب وحددت موعدا معه ليتصل بها ، وذهبت وأخبرت زوجها أنها على علاقة هاتفية بغيره ، وبالفعل تأكد الزوج من ذلك حينما اتصل بها على الموعد ، وقال لها : ( والله لو كلمت في التلفون أي أحد بعد اليوم فأنت طالق) وأزال التلفون من البيت ، وألغى الرقم ! استخدمت رقية التلفون وكلمت مرة بعد حصول التعليق ، وصار به الطلاق ، واستفتى زوجها ، وأفادوه أنها تطلق ، وراجعها بعد ذلك واعتبرت طلقة واحدة ! السؤال : هل تكرار الفعل ( أي الاتصال في التليفون) مرة أخرى بعد حصول الطلقة الأولى يقتضي تكرار الطلاق أم لا ؟ مع إبراز الدليل وإثبات الفتوى ، علما بأني مصلحة بينهما ، والزوج رفض الاستفتاء بحجة الحياء من صنيعه ، ورقية اليوم لها 12 سنة لا تتكلم في التلفون ، واليوم بعدما زوجت بنتيها أصبحت بحاجة لسماع صوتيهما وهي لا تسطيع ! أرجو الرد المثبت بأقصى سرعة ؟ السؤال الثاني : هل إذا استخدمت الجوال بدل عن التلفون الثابت يكون قد وقع عليها الطلاق أم لا ؟ علما بأن الجوال لم يكن موجودا حين تعليق الطلاق في المملكة العربية السعودية .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالطلاق المعلق يقع بوقوع المعلق عليه ، فإن قصد به التهديد والمنع ولم ينو الطلاق ففي وقوعه خلاف سبق بيانه في الفتوى رقم : 3795 ، فإذا وقعت المرأة في الأمر المعلق عليه طلاقها وقع الطلاق ، ولا يتكرر الطلاق بتكرر رجوعها للأمر المذكور ، إلا إذا كانت صيغة اليمين تفيد التكرار أو قصد بيمينه تكرر الطلاق بتكرر الفعل ، ومن الألفاظ التي تدل على التكرار ( كلما أو مهما ) فالحاصل أن المسألة لها حالتان :

الأولى : أن يقول كلما اتصلت بالهاتف فأنت طالق مثلاً ، أو يكون قاصداً لمعنى ذلك ، وفي هذه الحالة يقع الطلاق بعدد تكرر الاتصال منها ؛ لأن ذلك هو الذي يقتضيه قوله وقصده .

الحالة الثانية : أن يقول إن اتصلت ، أو يقول لو اتصلت بالهاتف ، كما في السؤال ، ولم يكن قاصداً تكرر الطلاق إذا تكرر الفعل ، ففي هذه الحالة لا يقع الطلاق إلا مرة واحدة ، لأن ذلك هو الذي يقتضيه قوله وقصده .

والملاحظ في صيغة يمين الزوج لفظان عامان هما : قوله ( أي أحد ) وقوله ( بالهاتف ) ، فقوله "أي أحد" لفظ عام يشمل كل أحد ذكراً كان أم أنثى قريباً كان أم بعيداً ، وقوله "الهاتف" يشمل كل أنواع الهواتف المحمول منها وغير المحمول ، والقاعدة في الأيمان أن النية تخصص العام وتقيد المطلق ، فإذا كان ينوي عموم اللفظين ، فيقع الطلاق بكل ما سبق ، وإن كان ينوي الخاص أو المقيد من معناهما فيحمل اليمين عليه ، كأن ينوي بقوله أي أحد : أي الرجال الأجانب ، فيخرج من ذلك النساء ومحارم الزوجة ، فلا يقع الطلاق بكلام هؤلاء ، وفي قوله ( بالهاتف ) إذا كان يقصد الموجود المعروف ، ولم ينو غيره ، فيحمل عليه ، فلا يقع الطلاق بالاتصال بالمحمول ، وإن لم تكن له نية في شيء من ذلك فإن الألفاظ تبقى على عمومها ، قال ابن قدامة في المغني : ( ويرجع في الأيمان إلى النية ) وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف ، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه ، سواء كان ما نواه موافقاً لظاهر اللفظ أو مخالفاً له ، فالموافق للظاهر أن ينوي باللفظ موضوعه الأصلي قبل أن ينوي باللفظ العام العموم ، وبالمطلق الإطلاق ، وبسائر الألفاظ ما يتبادر إلى الأفهام منها ، والمخالف يتنوع أنواعاً : أحدها أن ينوي بالعام الخاص ، ومنها أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقاً وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه ، ومنها أن ينوي بيمينه غير ما يفهمه السامع منه ، كما ذكرنا في المعاريض ، ومنها أن يريد بالخاص العام ... اهـ .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني