تزكية النفس وذكر العمل الصالح لتحصيل مصلحة راجحة

20-3-2014 | إسلام ويب

السؤال:
شخص أعرفه، يريد أن يعرف إذا تقدم لخطبة فتاة: كيف يتصرف إذا سألوه عن عبادته من النوافل، فهو لا يريد أن يخبرهم بها حتى لا يقع في الرياء، وأيضا لا يريد أن يكذب.
فبماذا تنصحوه؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فليس من التسميع المذموم، أو الرياء الممنوع، أن يخبر المتنفل بعبادته إذا سئل عن ذلك من أهل مخطوبته، إذا توفر شرطان:‏
‏1ـ ألا يريد بذلك ثناء الناس عليه، وإعجابهم به؛ فإن هذا من التسميع المحرم. كما بيناه في الفتوى رقم: ‏175559‏.‏
‏2ـ أن يكون هناك مسوغ شرعي لذلك الإخبار ـ وهو كذلك ههنا ـ كأن يتوصل بذلك لتحصيل مصلحة راجحة ‏كالنكاح المستحب، أو الولاية الشرعية كفعل يوسف عليه السلام، أو درء مفسدة كالقتل كما فعل عثمان رضي الله عنه مع ‏الخوارج لما أرادوا قتله فذكرهم بتزكية النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ له في عدة مناسبات. وقد قال عليه الصلاة والسلام: إذا جاءكم من ترضون دينه، وخلقه، فزوجوه. رواه الترمذي بسند حسن.

فإذا سئل عن دينه ليعلم أنه مرضي، فأجاب توصلا ‏إلى النكاح المستحب، فهذا من المسوغات الشرعية لذكر الطاعة.

وقد بوَّب العلامة ابن مفلح رحمه الله لهذه المسألة في ‏كتابه: (الآداب الشرعية ) فقال: فَصْلٌ ( فِي تَزْكِيَةِ النَّفْسِ الْمَذْمُومَةِ وَمَدْحِهَا بِالْحَقِّ لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ شُكْرِ النِّعْمَةِ ).

وذكر جملة ‏من الأدلة, منها ما نقله عن الْقَاضِي أبي يَعْلَى رَحِمَهُ اللَّهُ من الاستدلال بقِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وقَوْلَهُ: قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ {يوسف:55}، }.

قال: وفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ‏الْمَحْظُورِ في قوله: { فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ }. اهـ.

ونقل عن ابن الجوزي قوله عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ مَدَحَ ‏نَفْسَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَمِنْ شَأْنِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالصَّالِحِينَ التَّوَاضُعُ؟

فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا خَلَا مَدْحُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ بَغْيٍ، وَتَكَبُّرٍ، وَكَانَ مُرَادُهُ بِهِ ‏الْوُصُولَ إلَى حَقٍّ يُقِيمُهُ، وَعَدْلٍ يُحْيِيه، وَجَوْرٍ يُبْطِلُهُ، كَانَ ذَلِكَ جَمِيلًا جَائِزًا. اهـ إلى آخر ما ذكره رحمه الله...، ففيه الإرواء لمن رام المزيد. ‏

على أن الأحوط ألا يلجأ الخاطب إلى ذكر صلاحه، ونوافل طاعته بنفسه، وإن توفر ذانك الشرطان، ما لم ‏يتعين ذلك سبيلا لبلوغ المصلحة الشرعية؛ لضعف القلوب في هذا الزمن، ولشدة افتتانها بثناء المادحين، بل يحيل على من يعلم ‏حاله. كما أن الصحيح من قولي أهل العلم أن التسميع بالعمل بعد انقضاء العمل، لا يحبطه، مع حرمته، كما قرر الإمام الغزالي، ونقلناه في الفتوى رقم: ‏178375 ‏. ‏
 والله أعلم.

www.islamweb.net