ليس من حق أحد من الورثة أن يعيق قسمتها

1-2-2018 | إسلام ويب

السؤال:
أنا الأخ الأكبر لأخ يصغرني، و3 أخوات، إحداهن قاصر، وقد توفي والدي عام 2008، ولم نقم بتقسيم التركة، حرصًا منا على أن يكمل الكل دراسته مما يرد من إيجارات العقار الذي تركه والدي.وفي عام 2014 توفيت والدتي، ولم نقم بعدها بقسمة التركة، حرصًا على إنهاء الجميع دراسته أيضًا. أنا أسكن بالإيجار في مدينة أخرى، قمت بالرحيل إليها؛ لأكون بالقرب من مكان عملي، وأنا متزوج، ولديّ أولاد في المدارس، وقد كان الاتفاق أن يبقى بيتنا كما هو، شريطة أن أحصل على إيجار شقتين من أصل 8 شقق، حسب قسمة والدي الذي قام بقسمتها شفهيًّا، حسب القسمة الشرعية، ولكن هذا لم يسجل لدى محكمة شرعية، وإنما شفهيًّا، والكل موافق على هذا الأمر.بعد أن رحلت إلى مكان سكني الجديد، رفضت الأخت الكبرى التي تصغرني ب 10 سنوات، أن يقوم أخي بتحصيل إيجارات شققي وإرسالها إليّ، علمًا أنني تحولت من مالك إلى مستأجر بالقرب من مكان عملي، وتراكمت عليّ الآن إيجارات باهظة؛ نظرًا إلى أنني أسكن في العاصمة، وأنا مهدد بالطرد، ولم تعد شققي متاحة، فقد تم تأجيرها، واستحوذ إخوتي على إيجاراتها، بحجة أن هناك فواتير عليها، ولم يتم تسديد الفواتير، وما زالت تتراكم حتى الآن، ولا أعلم ما هي المبالغ المترتبة عليها، وما كان متفقًا عليه هو أن أقوم بتحصيل إيجارات شققي، وأتكفل أنا بدفع كل ما يترتب عليها من فواتير المستأجرين -علمًا أنه عند مغادرتي لم يكن هناك مبلغ كبير على شققي -فواتير أو غيرها- ودفع الفرق للسكن الجديد. قامت أختي الكبرى بإثارة موضوع أنه كيف تم تحديد أن هاتين الشقتين بالتحديد هما لك، علمًا أن الكل يعلم أن من يتزوج يحصل على شقتين بالتراضي، فقمت باختيار ما فرغ من الشقق من المستأجرين، وهي شقة أسكنها منذ أن تزوجت، والشقة الثانية أخلاها المستأجر، وقمت بترميمها بالكامل، وكلفني ذلك مبلغًا كبيرًا، وقد كان الكل موافقًا على أن أحصل على إيرادات الشقق، علمًا أنني منذ زواجي لم أحصل على دينار واحد من هذه الشقق، على عكس ما تنشره أختي الكبرى من قيامها بدفع إيجار لأخواتي، رغم أنها مالكة وليست مستأجرة، والمبلغ الذي تدفعه لأخواتي ما هو إلا قيمة حضانة ابنتها عند أخواتها، بدلًا عن أن تبحث أختي التي تخرجت من الجامعة عن فرصة عمل في العاصمة، وقبل أن أستأجر في العاصمة، كانت أختاي الوسطى والصغرى قد ذهبتا معي للبحث عن شقة لهما بالقرب من سكني في العاصمة، أو الاستئجار في نفس المبنى، ولكن بمجرد معرفة الكبرى تغير كل شيء، فمن سيعتني بابنتها وهي في عملها؟ بعد أن رأيت الوضع كذلك، رأيت أن شرائي لبيت في مكان سكني، سيكون أجدى من الاستئجار؛ لأن الإيجارات في العاصمة مرتفعة جدًّا، علمًا أنني أعمل عملًا حرًّا، وليس براتب ثابت؛ فأنا مترجم مستقل، وعملنا موسمي إلى حد كبير. قامت أختي بتحريض أختيّ الصغيرتين أن لا توافقا على الانتقال للسكن إلى جانبي في العاصمة؛ لأن الثانية منهما خريجة منذ سنوات، ولا يوجد في منطقتها عمل، فاقترحت أن نيسر أمور بعضنا، فنقوم ببيع البيت، ويأخذ كل ذي حق حقه، وليفعل بماله ما يشاء، إلا أن أختي الكبرى وبسبب أن مصلحتها وحدها في مدينتنا الأصلية، رفضت هذا الخيار، وقامت بالتحريض على عدم القبول، وفي نفس الوقت أخواتي يرفضن أن يدخل معهن شريك في البيت –أي: المشتري الذي سيشتري حصصي- وأنا متضرر جدًّا. في حال اللجوء إلى المحكمة -فإنه إذا أبدى أحد الورثة عدم رغبته في تقسيم التركة، وتجنبًا للمشاكل- ستقوم المحكمة باعتبار الموضوع قضية خلاف على التركة، ومن ثم؛ يعرض البيت للبيع في المزاد العلني، وهذا يعني أن يباع بربع ثمنه، أو ثلث ثمنه على أحسن تقدير، علمًا أن البيت مدين بضرائب ورسوم تبلغ قيمتها سدس قيمته، وأن إيجاراته لا تفي بتوفير القسط الضريبي السنوي عليه، ناهيك عن قيمة الاستهلاك على العقار، فعمر البناء 26 عامًا، وعاجلًا أم آجلًا سوف نفاجأ بمطالبة الضريبة للمستحقات، حيث سيباع طوعًا أو كرهًا في المزاد العلني، وأختاي تتبعان رأي الأخت الكبرى عن جهل بواقع ما سيحصل لا محالة، وبدلًا أن نكون مخيرين في طلب الثمن العادل للعقار، فإننا سنكون مجبرين على البيع عن طريق المزاد العلني المعلن عنه من قبل المحكمة، وسوف يستوفي أي محام يقوم بالإجراءات نسبة 10% من قيمة العقار المباع، ومن ثم؛ ستكون نسبة الخسائر الحاصلة كبيرة جدًّا، وهذا رأي المحامي الذي نصحني أن نتفق ولا نختلف، فنضر بعضنا دون مبرر، علمًا أن المحكمة تودع الحصص في حساب كل وريث على حدة، وله الحق أن يشتري بيتًا مستقلًّا له في مكان يراه مناسبًا لمكان عمله. أرجو إفادتي بحكم الشرع في رأي الأخت الكبرى، وهل من حق الوريث أن يقف عائقًا في تقسيم التركة حتى لو أن التأخر في تقسيمها سيرجع بالضرر على الجميع؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس من حق أحد من الورثة أن يعيق قسمتها، ولا أن يضر بأحد من الورثة، وقد سبق لنا بيان الطرق الثلاثة لقسمة العقارات، وذلك في الفتوى رقم: 136382.

والعقار المذكور إن لم يمكن قَسْمُه قِسْمة شرعية على جميع الورثة، بحيث يتمكن كل واحد من بيع نصيبه على حدة دون إضرار ببقية الورثة، فمن حق أي وريث أن يطلب بيع العقار، وقسم ثمنه على الورثة بحسب أنصبتهم، فإن امتنع أحدهم عن البيع أجبره القاضي، أو الحاكم على ذلك.

وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 104153، 137425، 311020، 35945.

وإن كان اللجوء إلى المحكمة سيترتب عليه بيع البيت بثلث ثمنه على أحسن تقدير، كما ذكر السائل، فليَسْعَ السائل للاتفاق مع بقية الورثة على طريقة لقسمة البيت، وتمكين كل وريث من التصرف في نصيبه، أو بيع البيت وقسمة ثمنه، وإلا فليلجؤوا إلى مُحَكّم من أهل العلم والخبرة يرتضون حكمه، وليستعن السائل على ذلك -بعد الله تعالى- بالعقلاء من أقاربه.

والله أعلم.

www.islamweb.net