مذاهب الفقهاء في وراثة من قتل والده خطأ

15-1-2023 | إسلام ويب

السؤال:
توفي والدي -رحمه الله- قبل سنة، بسبب التهاب الرئة، وتراكم السوائل والأكل على فترات طويلة، بسبب عدم قدرته على البلع. وكان مريضاً بالزهايمر، فلم يستطع الكلام والتعبير عما في داخله.
وكنت أنا ووالدتي نعطيه الأكل من فمه، قبل أن ندرك أنه لم يكن يبلع جيدا، ويتراكم الأكل في رئته. ثم أدخل للمستشفى، وكان يتغذى عن طريق الأنبوب الأنفي. وقد جرب الأطباء إعطاءه الأكل عن طريق الفم يوما فلم يقدر على البلع. وبعد أن حاولوا وأكدوا أنه لم ينجح باختبار البلع. وجدت نفس العصير الذي أعطي له في الاختبار، فأعطيته له لكي يشربه من فمه، وكنا مشفقين عليه أنا ووالدتي أنه هزيل ولم يأكل جيداً. وكان الأطباء لم يركبوا له أنبوب التغذية الأنفي بعد. فقمت بإعطائه العصير بالظهر لكي يشربه من فمه، فشرب منه حتى روي وسعل سعلة خفيفة. ولم أخبر الطبيب أني أعطيته الشراب من فمه.
وفي الليل تم تركيب الأنبوب الأنفي له، ثم زادت السوائل في بطنه حتى دخلت رئته في وقت متأخر من الليل. ولم يكن أحد من عائلتي معه للأسف في غرفة التنويم، ثم أدخل للعناية المركزة وتم إنعاشه، ثم جلس يومين في العناية المركزة على التنفس الصناعي، حتى توفي نتيجة توقف القلب والتنفس.
السؤال الذي يؤرقني كثيراً ويهمني: هل تسببت في موته؟
وهل أحرم الميراث بحكم أني تسببت في موته؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فأما سؤلك هل أنت المتسبب بوفاة والدك أم لا؟ فهذا يرجع فيه إلى الأطباء وليس إلينا. فاذكر لهم ما جرى منكم من سقي والدكم، أو إطعامه في تلك الحال. وهم يحكمون هل كان ذلك الفعل منكم سببا للوفاة أم لا.
وأما هل تحرم من الميراث أم لا؟ فهذا ينبني على كونك متسببا أم لا؟

فإن حكم الأطباء بأنك لست متسببا في الوفاة، فلا إشكال في كونك ترث والدك. وإن حكموا بأنك المتسبب بالوفاة، فيجري في حكم ميراثك منه كلام الفقهاء في القتل الخطأ هل يمنع من الميراث أم لا؟

جاء في الموسوعة الفقهية:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ الْقَتْل الْخَطَأَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْحِرْمَانِ مِنَ الْمِيرَاثِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْقَاتِل لاَ يَرِثُ. وَلأِنَّ الْقَتْل قَطَعَ الْمُوَالاَةَ، وَهِيَ سَبَبُ الإْرْثِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّ مَنْ قَتَل مُوَرِّثَهُ خَطَأً، فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنَ الْمَال، وَلاَ يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ الْقَتْل الْمَضْمُونَ بِقِصَاصٍ، أَوْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لاَ إرْثَ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ، كَمَنْ قَصَدَ مُوَلِّيَهُ مِمَّا لَهُ فِعْلُهُ مِنْ سَقْيِ دَوَاءٍ أَوْ رَبْطِ جِرَاحَةٍ فَمَاتَ، فَيَرِثُهُ؛ لأَنَّهُ تَرَتَّبَ عَنْ فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُوَفَّقُ. قَال الْبُهُوتِيُّ: وَلَعَلَّهُ أَصْوَبُ؛ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ. اهــ.
 والله أعلم.

www.islamweb.net