[ ص: 524 ] قوله : ( محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون ، إذا ماتوا وهم موحدون ، وإن لم يكونوا تائبين ، بعد أن لقوا الله عارفين . وهم في مشيئته وحكمه ، إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله ، كما ذكر عز وجل في كتابه : وأهل الكبائر من أمة ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ النساء : 48 و 116 ] وإن شاء عذبهم في النار بعدله ، ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ، ثم يبعثهم إلى جنته . وذلك بأن الله تعالى تولى أهل معرفته ، ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته ، الذين خابوا من هدايته ، ولم ينالوا من ولايته . اللهم يا ولي الإسلام وأهله ، ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك به ) . ش : فقوله : وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون ، إذا ماتوا وهم موحدون - رد لقول الخوارج والمعتزلة ، القائلين بتخليد أهل الكبائر في النار . لكن الخوارج تقول بتكفيرهم ، والمعتزلة بخروجهم عن الإيمان ، لا بدخولهم في الكفر ، بل لهم منزلة بين منزلتين ، كما تقدم عند الكلام على قول الشيخ رحمه الله : ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله .
وقوله : وأهل الكبائر من أمة محمد - تخصيصه أمة محمد ، يفهم منه أن أهل الكبائر من أمة غير محمد صلى الله عليه وسلم قبل نسخ تلك الشرائع به ، حكمهم مخالف لأهل الكبائر من أمة محمد . وفي ذاك نظر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه : . يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان
[ ص: 525 ] ولم يخص أمته بذلك ، بل ذكر الإيمان مطلقا ، فتأمله . وليس في بعض النسخ ذكر الأمة .
وقوله : في النار - معمول لقوله : لا يخلدون . وإنما قدمه لأجل السجعة ، لا أن يكون [ في النار ] خبرا لقوله : وأهل الكبائر ، كما ظنه بعض الشارحين .