قالوا : وأما قولكم : إنه ، فنحن نمنع مجيئه في كلام الشارع للحيض البتة ، فضلا عن الحصر . قالوا : إنه قال للمستحاضة : لم يجئ في كلام الشارع إلا للحيض ، فقد أجاب دعي الصلاة أيام أقرائك عنه في كتاب حرملة بما فيه شفاء ، وهذا لفظه . الشافعي
قال : وزعم أن الأقراء : الحيض ، واحتج بحديث إبراهيم بن إسماعيل بن علية سفيان ، عن أيوب ، عن ، عن سليمان بن يسار رضي الله عنها : أم سلمة قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في امرأة استحيضت تدع الصلاة أيام أقرائها رحمه الله : وما حدث بهذا الشافعي سفيان قط ، إنما قال سفيان ، عن أيوب ، عن ، عن سليمان بن يسار رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أم سلمة تدع الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن
أو قال : " أيام أقرائها " ، الشك من أيوب لا يدري . قال : هذا أو هذا ، فجعله هو حديثا على ناحية ما يريد ، فليس هذا بصدق ، وقد أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ، عن سليمان بن يسار رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أم سلمة لتنظر عدد [ ص: 555 ] الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها ، ثم لتدع الصلاة ، ثم لتغتسل ولتصل . ونافع أحفظ عن سليمان من أيوب وهو يقول : بمثل أحد معنيي أيوب اللذين رواهما ، انتهى كلامه . قالوا : وأما الاستدلال بقوله تعالى : ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) [ البقرة : 228 ] .
وأنه الحيض ، أو الحبل أو كلاهما ، فلا ريب أن الحيض داخل في ذلك ، ولكن تحريم كتمانه لا يدل على أن القروء المذكورة في الآية هي الحيض ، فإنها إذا كانت الأطهار ، فإنها تنقضي ، فإذا أرادت كتمان انقضاء العدة لأجل النفقة أو غيرها ، قالت : لم أحض ، فتنقضي عدتي ، وهي كاذبة وقد حاضت وانقضت عدتها ، وحينئذ فتكون دلالة الآية على أن القروء الأطهار أظهر ، ونحن نقنع باتفاق الدلالة بها ، وإن أبيتم إلا الاستدلال ، فهو من جانبنا أظهر ، فإن أكثر المفسرين قالوا : الحيض والولادة . فإذا كانت العدة تنقضي بظهور الولادة فهكذا تنقضي بظهور الحيض تسوية بينهما في إتيان المرأة على كل واحد منهما . بالطعن في الحيضة الرابعة أو الثالثة
وأما استدلالكم بقوله تعالى : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ) [ الطلاق : 4 ] فجعل كل شهر بإزاء حيضة ، فليس هذا بصريح في أن القروء هي الحيض ، بل غاية الآية أنه جعل اليأس من الحيض شرطا في الاعتداد بالأشهر ، فما دامت حائضا لا تنتقل إلى عدة الآيسات ، وذلك أن الأقراء التي هي الأطهار عندنا لا توجد إلا مع الحيض ، لا تكون بدونه ، فمن أين يلزم أن تكون هي الحيض ؟