[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون nindex.php?page=treesubj&link=32246قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203واذكروا الله في أيام معدودات فيه ست مسائل
الأولى : قال الكوفيون : الألف والتاء في " معدودات " لأقل العدد . وقال البصريون : هما للقليل والكثير ، بدليل قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=37وهم في الغرفات آمنون " ، والغرفات كثيرة . ولا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية هي أيام
منى ، وهي أيام التشريق ، وأن هذه الثلاثة الأسماء واقعة عليها ، وهي أيام رمي الجمار ، وهي واقعة على الثلاثة الأيام التي يتعجل الحاج منها في يومين بعد يوم النحر ، فقف على ذلك . وقال
الثعلبي وقال
إبراهيم : الأيام المعدودات أيام العشر ، والأيام المعلومات أيام النحر ، وكذا حكى
مكي والمهدوي أن الأيام المعدودات هي أيام العشر . ولا يصح لما ذكرناه من الإجماع على ما نقله
أبو عمر بن عبد البر وغيره . قال
ابن عطية : وهذا إما أن يكون من تصحيف النسخة ، وإما أن يريد العشر الذي بعد النحر ، وفى ذلك بعد .
الثانية : أمر الله - سبحانه وتعالى - عباده بذكره في الأيام المعدودات ، وهي الثلاثة التي بعد يوم النحر ، وليس يوم النحر منها ؛ لإجماع الناس أنه لا ينفر أحد يوم النفر وهو ثاني يوم النحر ، ولو كان يوم النحر في المعدودات لساغ أن ينفر من شاء متعجلا يوم النفر ؛ لأنه قد أخذ يومين
[ ص: 4 ] من المعدودات . خرج
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهما عن
عبد الرحمن بن يعمر الديلي أن ناسا من
أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
بعرفة فسألوه ، فأمر مناديا فنادى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830430الحج عرفة ، فمن جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ، أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ، أي من تعجل من الحاج في يومين من أيام
منى صار مقامه
بمنى ثلاثة أيام بيوم النحر ، ويصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة ، ويسقط عنه رمي يوم الثالث . ومن لم ينفر منها إلا في آخر اليوم الثالث حصل له
بمنى مقام أربعة أيام من أجل يوم النحر ، واستوفى العدد في الرمي ، على ما يأتي بيانه . ومن الدليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=23444أيام منى ثلاثة - مع ما ذكرناه - قول
العرجي :
ما نلتقي إلا ثلاث منى حتى يفرق بيننا النفر
فأيام الرمي معدودات ، وأيام النحر معلومات . وروى
نافع عن
ابن عمر أن الأيام المعدودات والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام : يوم النحر وثلاثة أيام بعده ، فيوم النحر معلوم غير معدود ، واليومان بعده معلومان معدودان ، واليوم الرابع معدود لا معلوم ، وهذا مذهب
مالك وغيره .
وإنما كان كذلك لأن الأول ليس من الأيام التي تختص
بمنى في قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203واذكروا الله في أيام معدودات ولا من التي عين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830431أيام منى ثلاثة فكان معلوما ؛ لأن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ولا خلاف أن المراد به النحر ، وكان النحر في اليوم الأول وهو يوم الأضحى والثاني والثالث ، ولم يكن في الرابع نحر بإجماع من علمائنا ، فكان الرابع غير مراد في قوله تعالى : " معلومات " لأنه لا ينحر فيه وكان مما يرمى فيه ، فصار معدودا لأجل الرمي ، غير معلوم لعدم النحر فيه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : والحقيقة فيه أن
nindex.php?page=treesubj&link=23443يوم النحر معدود بالرمي معلوم بالذبح ، لكنه عند علمائنا ليس مرادا في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل . وقال
أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : ( الأيام المعلومات العشر من أول يوم من ذي الحجة ، وآخرها يوم النحر ) ، لم يختلف قولهما في ذلك ، ورويا ذلك عن
ابن عباس . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن
أبي يوسف أن الأيام المعلومات أيام النحر . قال
أبو يوسف : روي ذلك عن
عمر وعلي ، وإليه أذهب ؛ لأنه تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام . وحكى
الكرخي عن
محمد بن الحسن أن الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة : يوم الأضحى ويومان بعده . قال
الكيا الطبري : فعلى قول
أبي يوسف ومحمد لا فرق بين المعلومات والمعدودات ؛ لأن المعدودات المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف ، ولا يشك أحد أن المعدودات لا تتناول أيام العشر ؛ لأن الله تعالى يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه وليس في العشر حكم يتعلق بيومين دون الثالث . وقد روي عن
ابن عباس ( أن المعلومات العشر ، والمعدودات أيام التشريق ) ، وهو قول الجمهور .
قلت : وقال
ابن زيد : الأيام المعلومات عشر ذي الحجة وأيام التشريق ، وفيه بعد ؛ لما ذكرناه ، وظاهر الآية يدفعه . وجعل الله الذكر في الأيام المعدودات والمعلومات يدل على خلاف قوله ، فلا معنى للاشتغال به .
الثالثة : ولا خلاف أن المخاطب بهذا الذكر هو الحاج ، خوطب
nindex.php?page=treesubj&link=3665بالتكبير عند رمي الجمار ، وعلى ما رزق من بهيمة الأنعام في الأيام المعلومات وعند أدبار الصلوات دون تلبية ، وهل يدخل غير الحاج في هذا أم لا ؟ فالذي عليه فقهاء الأمصار والمشاهير من الصحابة والتابعين على أن المراد بالتكبير كل أحد - وخصوصا في أوقات الصلوات - فيكبر عند انقضاء كل صلاة - كان المصلي وحده أو في جماعة - تكبيرا ظاهرا في هذه الأيام ، اقتداء بالسلف رضي الله عنهم . وفي المختصر : ولا يكبر النساء دبر الصلوات ، والأول أشهر ؛ لأنه يلزمها حكم الإحرام كالرجل ، قاله في المدونة .
الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=1141_1142ومن نسي التكبير بإثر صلاة كبر إن كان قريبا ، وإن تباعد فلا شيء عليه ، قاله
ابن الجلاب . وقال
مالك في المختصر : يكبر ما دام في مجلسه ، فإذا قام من مجلسه فلا شيء عليه . وفي المدونة من قول
مالك : إن نسي الإمام التكبير فإن كان قريبا قعد فكبر ، وإن تباعد فلا شيء عليه ، وإن ذهب ولم يكبر والقوم جلوس فليكبروا .
الخامسة : واختلف العلماء في طرفي
nindex.php?page=treesubj&link=1145مدة التكبير فقال
عمر بن الخطاب وعلي بن أبي [ ص: 6 ] طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : ( يكبر من صلاة الصبح يوم
عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق ) . وقال
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : يكبر من غداة
عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر ؛ وخالفه صاحباه فقالا بالقول الأول قول
عمر وعلي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهم ، فاتفقوا في الابتداء دون الانتهاء . وقال
مالك : يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وهو قول
ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أيضا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت : ( يكبر من ظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : فأما من قال : يكبر يوم
عرفة ويقطع العصر من يوم النحر فقد خرج عن الظاهر ؛ لأن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203في أيام معدودات وأيامها ثلاثة ، وقد قال هؤلاء : يكبر في يومين ، فتركوا الظاهر لغير دليل . وأما من قال : يوم
عرفة وأيام التشريق فقال : إنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فإذا أفضتم من عرفات ، فذكر
عرفات داخل في ذكر الأيام ، هذا كان يصح لو كان قال : يكبر من المغرب يوم
عرفة ؛ لأن وقت الإفاضة حينئذ ، فأما قبل فلا يقتضيه ظاهر اللفظ ، ويلزمه أن يكون من يوم التروية عند الحلول
بمنى .
السادسة : واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=1143لفظ التكبير ، فمشهور مذهب
مالك أنه يكبر إثر كل صلاة ثلاث تكبيرات ، رواه
زياد بن زياد عن
مالك . وفي المذهب رواية : يقال بعد التكبيرات الثلاث : لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد . وفي المختصر عن
مالك : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه فيه إحدى وعشرون مسألة : الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فمن تعجل التعجيل أبدا لا يكون هنا إلا في آخر النهار ، وكذلك اليوم الثالث ؛ لأن الرمي في تلك الأيام إنما وقته بعد الزوال . وأجمعوا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=3644يوم النحر لا يرمى فيه غير جمرة العقبة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرم يوم النحر من الجمرات غيرها ، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال ، وكذلك أجمعوا أن
nindex.php?page=treesubj&link=3647_3646وقت رمي الجمرات في أيام التشريق بعد الزوال إلى الغروب ، واختلفوا فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=3646_3644رمى جمرة العقبة قبل طلوع الفجر أو بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس . فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق : جائز رميها بعد الفجر قبل طلوع الشمس . وقال
مالك : لم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لأحد برمي قبل أن يطلع الفجر ، ولا يجوز رميها قبل الفجر ، فإن رماها قبل الفجر أعادها . وكذلك قال
أبو حنيفة وأصحابه : لا يجوز رميها ، وبه قال
أحمد وإسحاق . ورخصت طائفة في الرمي قبل طلوع الفجر ، روي عن
أسماء بنت أبي بكر أنها كانت ترمي بالليل وتقول : إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
[ ص: 7 ] أخرجه
أبو داود . وروي هذا القول عن
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إذا كان الرمي بعد نصف الليل . وقالت طائفة : لا يرمى حتى تطلع الشمس ، قاله
مجاهد والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري . وقال
أبو ثور : إن رماها قبل طلوع الشمس فإن اختلفوا فيه لم يجزه ، وإن أجمعوا أو كانت فيه سنة أجزأه . قال
أبو عمر : أما قول
الثوري ومن تابعه فحجته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة بعد طلوع الشمس وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830379خذوا عني مناسككم . وقال
ابن المنذر : السنة ألا ترمي إلا بعد طلوع الشمس ، ولا يجزئ الرمي قبل طلوع الفجر ، فإن رمى أعاد ، إذ فاعله مخالف لما سنه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته . ومن رماها بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس فلا إعادة عليه ، إذ لا أعلم أحدا قال لا يجزئه .
الثانية : روى
معمر قال أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837613أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة أن تصبح بمكة يوم النحر ، وكان يومها . قال
أبو عمر : اختلف على
هشام في هذا الحديث ، فروته طائفة عن
هشام عن أبيه مرسلا ، كما رواه
معمر ، ورواه آخرون عن
هشام عن أبيه عن
عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
أم سلمة بذلك مسندا ، ورواه آخرون عن
هشام عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=170زينب بنت أبي سلمة عن
أم سلمة مسندا أيضا ، وكلهم ثقات . وهو يدل على أنها رمت الجمرة
بمنى قبل الفجر ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تصبح
بمكة يوم النحر ، وهذا لا يكون إلا وقد رمت الجمرة
بمنى ليلا قبل الفجر ، والله أعلم . ورواه
أبو داود قال حدثنا
هارون بن عبد الله قال حدثنا
ابن أبي فديك عن
الضحاك بن عثمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة رضي الله عنها أنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830432أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=54بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت ، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها . وإذا ثبت فالرمي بالليل جائز لمن فعله ، والاختيار من طلوع الشمس إلى زوالها . قال
أبو عمر : أجمعوا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=3644_3647وقت الاختيار في رمي جمرة العقبة من طلوع الشمس إلى زوالها ، وأجمعوا أنه إن
nindex.php?page=treesubj&link=3672رماها قبل غروب الشمس من يوم النحر فقد أجزأ عنه ولا شيء عليه ، إلا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا فإنه قال :
[ ص: 8 ] أستحب له إن ترك
جمرة العقبة حتى أمسى أن يهريق دما يجيء به من الحل . واختلفوا فيمن لم يرمها حتى غابت الشمس فرماها من الليل أو من الغد ، فقال
مالك : عليه دم ، واحتج بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لرمي الجمرة وقتا ، وهو يوم النحر ، فمن رمى بعد غروب الشمس فقد رماها بعد خروج وقتها ، ومن فعل شيئا في الحج بعد وقته فعليه دم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا دم عليه ، وهو قول
أبي يوسف ومحمد ، وبه قال
أبو ثور ؛ لأن
nindex.php?page=hadith&LINKID=830433النبي صلى الله عليه وسلم قال له السائل : يا رسول الله ، رميت بعدما أمسيت فقال : لا حرج ، قال
مالك : من نسي رمي الجمار حتى يمسي فليرم أية ساعة ذكر من ليل أو نهار ، كما يصلي أية ساعة ذكر ، ولا يرمي إلا ما فاته خاصة ، وإن كانت جمرة واحدة رماها ، ثم يرمي ما رمى بعدها من الجمار ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=23856الترتيب في الجمار واجب ، فلا يجوز أن يشرع في رمي جمرة حتى يكمل رمي الجمرة الأولى كركعات الصلاة ، هذا هو المشهور من المذهب . وقيل : ليس الترتيب بواجب في صحة الرمي ، بل إذا كان الرمي كله في وقت الأداء أجزأه .
الثالثة : فإذا مضت أيام الرمي فلا رمي فإن ذكر بعدما يصدر وهو
بمكة أو بعدما يخرج منها فعليه الهدي ، وسواء
nindex.php?page=treesubj&link=3789ترك الجمار كلها ، أو جمرة منها ، أو حصاة من جمرة حتى خرجت أيام منى فعليه دم . وقال
أبو حنيفة : إن ترك الجمار كلها فعليه دم ، وإن ترك جمرة واحدة كان عليه بكل حصاة من الجمرة إطعام مسكين نصف صاع ، إلى أن يبلغ دما فيطعم ما شاء ، إلا
جمرة العقبة فعليه دم . وقال
الأوزاعي : يتصدق إن ترك حصاة . وقال
الثوري : يطعم في الحصاة والحصاتين والثلاث ، فإن ترك أربعا فصاعدا فعليه دم . وقال
الليث : في الحصاة الواحدة دم ، وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . والقول الآخر وهو المشهور : إن في الحصاة الواحدة مدا من طعام ، وفي حصاتين مدين ، وفي ثلاث حصيات دم .
الرابعة : ولا سبيل عند الجميع إلى رمي ما فاته من الجمار في أيام التشريق حتى غابت الشمس من آخرها ، وذلك اليوم الرابع من يوم النحر ، وهو الثالث من أيام التشريق ، ولكن يجزئه الدم أو الإطعام على حسب ما ذكرنا .
الخامسة : ولا تجوز
nindex.php?page=treesubj&link=3701البيتوتة بمكة وغيرها عن منى ليالي التشريق ، فإن ذلك غير جائز عند الجميع إلا للرعاء ، ولمن ولي السقاية من
آل العباس . قال
مالك : من
nindex.php?page=treesubj&link=3792ترك المبيت ليلة من ليالي منى من غير الرعاء وأهل السقاية فعليه دم . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=830434أن العباس [ ص: 9 ] استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : كان
العباس ينظر في السقاية ويقوم بأمرها ، ويسقي الحاج شرابها أيام الموسم ، فلذلك أرخص له في المبيت عن
منى ، كما أرخص لرعاء الإبل من أجل حاجتهم لرعي الإبل وضرورتهم إلى الخروج بها نحو المراعي التي تبعد عن
منى .
وسميت
منى "
منى " لما
يمنى فيها من الدماء ، أي يراق . وقال
ابن عباس : ( إنما سميت
منى لأن
جبريل قال
لآدم عليه السلام : تمن . قال : أتمنى الجنة ، فسميت
منى . قال : وإنما سميت جمعا لأنه اجتمع بها
حواء وآدم عليهما السلام ) ،
والجمع أيضا هو
المزدلفة ، وهو
المشعر الحرام ، كما تقدم .
السادسة : وأجمع الفقهاء على أن
nindex.php?page=treesubj&link=3701المبيت للحاج - غير الذين رخص لهم - ليالي منى بمنى من شعائر الحج ونسكه ، والنظر يوجب على كل مسقط لنسكه دما ، قياسا على سائر الحج ونسكه . وفي الموطأ :
مالك عن
نافع عن
ابن عمر قال : قال
عمر : لا يبيتن أحد من الحاج ليالي
منى من وراء
العقبة .
والعقبة التي منع
عمر أن يبيت أحد وراءها هي
العقبة التي عند الجمرة التي يرميها الناس يوم النحر مما يلي
مكة . رواه
ابن نافع عن
مالك في المبسوط ، قال : وقال
مالك : ومن بات وراءها ليالي
منى فعليه الفدية ، وذلك أنه بات بغير
منى ليالي
منى ، وهو مبيت مشروع في الحج ، فلزم الدم بتركه كالمبيت
بالمزدلفة ،
nindex.php?page=treesubj&link=3679_3776ومعنى الفدية هنا عند
مالك الهدي . قال
مالك : هو هدي يساق من الحل إلى الحرم .
السابعة : روى
مالك عن
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن
أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره
nindex.php?page=hadith&LINKID=830435أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ، ثم يرمون الغد ، ومن بعد الغد ليومين ، ثم يرمون يوم النفر .
قال
أبو عمر : لم يقل
مالك بمقتضى هذا الحديث ، وكان يقول : يرمون يوم النحر - يعني
جمرة العقبة - ثم لا يرمون من الغد ، فإذا كان بعد الغد وهو الثاني من أيام التشريق وهو اليوم الذي يتعجل فيه النفر من يريد التعجيل أو من يجوز له التعجيل رموا اليومين لذلك اليوم ولليوم الذي قبله ؛ لأنهم يقضون ما كان عليهم ، ولا يقضي أحد عنده شيئا إلا بعد أن يجب عليه ، هذا معنى ما فسر به
مالك هذا الحديث في موطئه . وغيره يقول : لا بأس بذلك كله على ما في
[ ص: 10 ] حديث
مالك ؛ لأنها أيام رمي كلها ، وإنما لم يجز عند
مالك للرعاء تقديم الرمي لأن غير الرعاء لا يجوز لهم أن يرموا في أيام التشريق شيئا من الجمار قبل الزوال ، فإن رمى قبل الزوال أعادها ، ليس لهم التقديم . وإنما رخص لهم في اليوم الثاني إلى الثالث . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : الذي قاله
مالك في هذه المسألة موجود في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن
أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره
nindex.php?page=hadith&LINKID=830436أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص للرعاء أن يتعاقبوا ، فيرموا يوم النحر ، ثم يدعوا يوما وليلة ثم يرمون الغد . قال علماؤنا : ويسقط رمي
nindex.php?page=treesubj&link=3648الجمرة الثالثة عمن تعجل . قال
ابن أبي زمنين يرميها يوم النفر الأول حين يريد التعجيل . قال
ابن المواز : يرمي المتعجل في يومين بإحدى وعشرين حصاة ، كل جمرة بسبع حصيات ، فيصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة ؛ لأنه قد رمى
جمرة العقبة يوم النحر بسبع . قال
ابن المنذر : ويسقط رمي اليوم الثالث .
الثامنة : روى
مالك عن
يحيى بن سعيد عن
عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر أنه أرخص للرعاء أن يرموا بالليل ، يقول في الزمن الأول . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي : " قوله في الزمن الأول يقتضي إطلاقه زمن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أول زمن هذه الشريعة ، فعلى هذا هو مرسل . ويحتمل أن يريد به أول زمن أدركه
عطاء ، فيكون موقوفا مسندا " . والله أعلم .
قلت : هو مسند من حديث
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره ، وقد ذكرناه في " المقتبس في شرح موطأ
مالك بن أنس " ، وإنما أبيح لهم الرمي بالليل لأنه أرفق بهم وأحوط فيما يحاولونه من رعي الإبل ؛ لأن الليل وقت لا ترعى فيه ولا تنتشر ، فيرمون في ذلك الوقت . وقد اختلفوا فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=3647فاته الرمي حتى غربت الشمس . فقال
عطاء : لا رمي بالليل إلا لرعاء الإبل ، فأما التجار فلا . وروي عن
ابن عمر أنه قال : من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرم حتى تطلع الشمس من الغد ، وبه قال
أحمد وإسحاق . وقال
مالك : إذا تركه نهارا رماه ليلا ، وعليه دم في رواية
ابن القاسم ، ولم يذكر في الموطأ أن عليه دما . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ويعقوب ومحمد : إذا نسي الرمي حتى أمسى يرمي ولا دم عليه . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري يرخص في رمي الجمار ليلا . وقال
أبو حنيفة : يرمي ولا شيء عليه ، وإن لم يذكرها من الليل حتى يأتي الغد فعليه أن يرميها وعليه دم . وقال
الثوري : إذا أخر الرمي إلى الليل ناسيا أو متعمدا أهرق دما .
[ ص: 11 ] قلت : أما من رمى من رعاء الإبل أو أهل السقاية بالليل فلا دم يجب ؛ للحديث ، وإن كان من غيرهم فالنظر يوجب الدم لكن مع العمد ، والله أعلم . التاسعة :
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر على راحلته . واستحب
مالك وغيره أن يكون الذي يرميها راكبا . وقد كان
ابن عمر وابن الزبير وسالم يرمونها وهم مشاة ، ويرمي في كل يوم من الثلاثة بإحدى وعشرين حصاة ، يكبر مع كل حصاة ، ويكون وجهه في حال رميه إلى
الكعبة ، ويرتب الجمرات ويجمعهن ولا يفرقهن ولا ينكسهن ، يبدأ بالجمرة الأولى فيرميها بسبع حصيات رميا ولا يضعها وضعا ، كذلك قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وأصحاب الرأي ، فإن طرحها طرحا جاز عند أصحاب الرأي . وقال
ابن القاسم : لا تجزئ في الوجهين جميعا ، وهو الصحيح ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرميها ، ولا يرمي عندهم بحصاتين أو أكثر في مرة ، فإن فعل عدها حصاة واحدة ، فإذا فرغ منها تقدم أمامها فوقف طويلا للدعاء بما تيسر . ثم يرمي الثانية وهي الوسطى وينصرف عنها ذات الشمال في بطن المسيل ، ويطيل الوقوف عندها للدعاء . ثم يرمي الثالثة بموضع
جمرة العقبة بسبع حصيات أيضا ، يرميها من أسفلها ولا يقف عندها ، ولو رماها من فوقها أجزأه ، ويكبر في ذلك كله مع كل حصاة يرميها .
nindex.php?page=treesubj&link=3665وسنة الذكر في رمي الجمار التكبير دون غيره من الذكر ، ويرميها ماشيا بخلاف جمرة يوم النحر ، وهذا كله توقيف رفعه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني عن
الزهري nindex.php?page=hadith&LINKID=830438أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى الجمرة التي تلي المسجد - مسجد منى - يرميها بسبع حصيات ، يكبر كلما رمى بحصاة ، ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو ، وكان يطيل الوقوف . ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات ، يكبر كلما رمى بحصاة ، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه ثم يدعو . ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات ، يكبر كلما رمى بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها . قال
الزهري : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله يحدث بهذا عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : وكان
ابن عمر يفعله ، لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني .
العاشرة :
nindex.php?page=treesubj&link=3663_3664وحكم الجمار أن تكون طاهرة غير نجسة ، ولا مما رمي به ، فإن رمى بما قد
[ ص: 12 ] رمي به لم يجزه عند
مالك ، وقد قال عنه
ابن القاسم : إن كان ذلك في حصاة واحدة أجزأه ، ونزلت
بابن القاسم فأفتاه بهذا .
الحادية عشرة : واستحب أهل العلم
nindex.php?page=treesubj&link=3639أخذها من المزدلفة لا من حصى المسجد ، فإن أخذ زيادة على ما يحتاج وبقي ذلك بيده بعد الرمي دفنه ولم يطرحه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وغيره .
الثانية عشرة : ولا تغسل عند الجمهور خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=16248لطاوس ، وقد روي أنه لو لم يغسل الجمار النجسة أو رمى بما قد رمي به أنه أساء وأجزأ عنه . قال
ابن المنذر : يكره أن يرمي بما قد رمي به ، ويجزئ إن رمى به ، إذ لا أعلم أحدا أوجب على من فعل ذلك الإعادة ، ولا نعلم في شيء من الأخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غسل الحصى ولا أمر بغسله ، وقد روينا عن
طاوس أنه كان يغسله .
الثالثة عشرة : ولا يجزئ في الجمار المدر ولا شيء غير الحجر ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وإسحاق . وقال أصحاب الرأي : يجوز بالطين اليابس ، وكذلك كل شيء رماها من الأرض فهو يجزئ . وقال
الثوري : من رمى بالخزف والمدر لم يعد الرمي . قال
ابن المنذر : لا يجزئ الرمي إلا بالحصى ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830439عليكم بحصى الخذف . وبالحصى رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الرابعة عشرة : واختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=3651قدر الحصى ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يكون أصغر من الأنملة طولا وعرضا . وقال
أبو ثور وأصحاب الرأي : بمثل حصى الخذف ، وروينا عن
ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة بمثل بعر الغنم ، ولا معنى لقول
مالك : أكبر من ذلك أحب إلي ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سن الرمي بمثل حصى الخذف ، ويجوز أن يرمى بما وقع عليه اسم حصاة ، واتباع السنة أفضل ، قاله
ابن المنذر .
[ ص: 13 ] قلت : وهو الصحيح الذي لا يجوز خلافه لمن اهتدى واقتدى . روى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830440قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته : هات القط لي - فلقطت له حصيات هن حصى الخذف ، فلما وضعتهن في يده قال - : بأمثال هؤلاء ، وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين . فدل قوله : ( وإياكم والغلو في الدين ) على كراهة
nindex.php?page=treesubj&link=3674الرمي بالجمار الكبار ، وأن ذلك من الغلو ، والله أعلم .
الخامسة عشرة : : ومن
nindex.php?page=treesubj&link=23856بقي في يده حصاة لا يدري من أي الجمار هي جعلها من الأولى ، ورمى بعدها الوسطى والآخرة ، فإن طال استأنف جميعا .
السادسة عشرة : قال
مالك والشافعي
وعبد الملك nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وأصحاب الرأي فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=23856قدم جمرة على جمرة : لا يجزئه إلا أن يرمي على الولاء . وقال
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وبعض الناس : يجزئه . واحتج بعض الناس بقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837623من قدم نسكا بين يدي نسك فلا حرج وقال : ( لا يكون هذا بأكثر من رجل اجتمعت عليه صلوات أو صيام فقضى بعضا قبل بعض ) . والأول أحوط ، والله أعلم .
السابعة عشرة : واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=3678رمي المريض والرمي عنه ، فقال
مالك : يرمى عن المريض والصبي اللذين لا يطيقان الرمي ، ويتحرى المريض حين رميهم فيكبر سبع تكبيرات لكل جمرة وعليه الهدي ، وإذا صح المريض في أيام الرمي رمى عن نفسه ، وعليه مع ذلك دم عند
مالك . وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي : يرمى عن المريض ، ولم يذكروا هديا . ولا خلاف في الصبي الذي لا يقدر على الرمي أنه يرمى عنه ، وكان
ابن عمر يفعل ذلك .
الثامنة عشرة : روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال قلنا : يا رسول الله ، هذه الجمار التي يرمى بها كل عام فنحسب أنها تنقص ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837624إنه ما تقبل منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال .
التاسعة عشرة : قال
ابن المنذر : وأجمع أهل العلم على أن لمن
nindex.php?page=treesubj&link=26903أراد الخروج من الحاج من منى شاخصا إلى بلده خارجا عن الحرم غير مقيم بمكة في النفر الأول أن ينفر بعد زوال
[ ص: 14 ] الشمس إذا رمى في اليوم الذي يلي يوم النحر قبل أن يمسي ؛ لأن الله جل ذكره قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه فلينفر من أراد النفر ما دام في شيء من النهار . وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي والحسن أنهما قالا : من أدركه العصر وهو
بمنى من اليوم الثاني من أيام التشريق لم ينفر حتى الغد . قال
ابن المنذر : وقد يحتمل أن يكونا قالا ذلك استحبابا ، والقول الأول به نقول ؛ لظاهر الكتاب والسنة .
الموفية عشرين : واختلفوا في
أهل مكة هل ينفرون النفر الأول ، فروينا عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : من شاء من الناس كلهم أن ينفروا في النفر الأول ، إلا
آل خزيمة فلا ينفرون إلا في النفر الآخر . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يقول : لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم
بمكة ، وقال :
أهل مكة أخف ، وجعل
أحمد وإسحاق معنى قول
عمر بن الخطاب : ( إلا
آل خزيمة ) أي أنهم أهل حرم . وكان
مالك يقول في
أهل مكة : من كان له عذر فله أن يتعجل في يومين ، فإن أراد التخفيف عن نفسه مما هو فيه من أمر الحج فلا ، فرأى التعجيل لمن بعد قطره . وقالت طائفة : الآية على العموم ، والرخصة لجميع الناس ،
أهل مكة وغيرهم ، أراد الخارج عن
منى المقام
بمكة أو الشخوص إلى بلده . وقال
عطاء : هي للناس عامة . قال
ابن المنذر : وهو يشبه مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وبه نقول . وقال
ابن عباس والحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة والنخعي : ( من نفر في اليوم الثاني من الأيام المعدودات فلا حرج ، ومن تأخر إلى الثالث فلا حرج ) ، فمعنى الآية : كل ذلك مباح ، وعبر عنه بهذا التقسيم اهتماما وتأكيدا ، إذ كان من العرب من يذم المتعجل وبالعكس ، فنزلت الآية رافعة للجناح في كل ذلك . وقال
علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي أيضا : ( معنى من تعجل فقد غفر له ، ومن تأخر فقد غفر له ) ، واحتجوا بقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830441من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من خطاياه كيوم ولدته أمه . فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فلا إثم عليه نفي عام وتبرئة مطلقة . وقال
مجاهد أيضا : معنى الآية ، من تعجل أو تأخر فلا إثم عليه إلى العام المقبل . وأسند في هذا القول أثر . وقال
أبو العالية في الآية : لا إثم عليه لمن اتقى بقية عمره ، والحاج مغفور له البتة ، أي ذهب إثمه كله إن اتقى الله فيما بقي من عمره . وقال
أبو صالح وغيره : معنى الآية لا إثم عليه لمن اتقى قتل الصيد ، وما يجب عليه تجنبه في الحج . وقال أيضا : لمن اتقى في حجه فأتى به تاما حتى كان مبرورا .
[ ص: 15 ] الحادية والعشرون : " من " في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فمن تعجل رفع بالابتداء ، والخبر
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فلا إثم عليه . ويجوز في غير القرآن فلا إثم عليهم ؛ لأن معنى " من " جماعة ، كما قال جل وعز :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=42ومنهم من يستمعون إليك وكذا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203ومن تأخر فلا إثم عليه . واللام من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203لمن اتقى متعلقة بالغفران ، التقدير المغفرة لمن اتقى ، وهذا على تفسير
ابن مسعود وعلي . قال
قتادة : ذكر لنا أن
ابن مسعود قال : إنما جعلت المغفرة لمن اتقى بعد انصرافه من الحج عن جميع المعاصي . وقال
الأخفش : التقدير ذلك لمن اتقى . وقال بعضهم : لمن اتقى يعني قتل الصيد في الإحرام وفي الحرم . وقيل التقدير الإباحة لمن اتقى ، روي هذا عن
ابن عمر . وقيل : السلامة لمن اتقى . وقيل : هي متعلقة بالذكر الذي في قوله تعالى : واذكروا أي الذكر لمن اتقى . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله فلا اثم عليه بوصل الألف تخفيفا ، والعرب قد تستعمله . قال الشاعر :
إن لم أقاتل فالبسوني برقعا
ثم أمر الله تعالى بالتقوى وذكر بالحشر والوقوف .