( إزالة القذر ) بالمعجمة الطاهر كمني والنجس كمذي قال ( وأكمله ) أي الغسل المصنف وينبغي أن يتفطن من يغتسل من نحو إبريق لدقيقة وهي أنه إذا طهر محل النجو بالماء غسله ناويا رفع الجنابة ؛ لأنه إن غفل عنه بعد بطل غسله وإلا فقد يحتاج للمس فينتقض وضوءه أو إلى كلفة في لف خرقة على يده ا هـ وهنا دقيقة أخرى وهي أنه إذا نوى كما ذكر ومس بعد النية ورفع جنابة اليد كما هو الغالب حصل بيده حدث أصغر فقط فلا بد من غسلها بعد رفع حدث الوجه بنية رفع الحدث الأصغر [ ص: 278 ] لتعذر الاندراج حينئذ ( ثم الوضوء ) كاملا للاتباع ويسن له استصحابه إلى الفراغ حتى لو أحدث سن له إعادته .
وزعم المحاملي ومن تبعه اختصاصه بالغسل الواجب ضعيف كما علم مما قدمته ( وفي قول يؤخر غسل قدميه ) للاتباع أيضا والخلاف في الأفضل ورجح الأول ؛ لأن في لفظ رواته كان المشعرة بالتكرار بل قيل الثاني إنما يدل على الجواز لا غير وعلى كل تحصل سنة الوضوء بتقديم كله وبعضه وتأخيره وتوسطه أثناء الغسل ثم إن تجردت جنابته عن الأصغر نوى به سنة الغسل أي أو الوضوء كما هو ظاهر وإلا نوى نية مجزئة مما مر في الوضوء خروجا من خلاف موجبه القائل بعدم الاندراج وهذه النية بقسميها سنة [ ص: 279 ] لإجزاء نية الغسل عنها كما تكفي نية الوضوء عن خصوص نية المضمضة ثم لو لزمه الوضوء مرتبا بالنية لزوال اندراجه الموجب لسقوط النية والترتيب أو بعضها لزمه غسل ما تأخر حدثه في محله بالنية كما علم مما مر آنفا ( ثم ) بعد الوضوء ( تعهد معاطفه ) وهي ما فيه التواء وانعطاف كالأذن وطبق البطن والسرة بأن يوصل الماء إليها حتى يتيقن أنه أصاب جميعها وإنما لم يجب ذلك حيث ظن وصوله إليها ؛ لأن التعميم الواجب يكتفى فيه بغلبة الظن ويتأكد ذلك في الأذن بأن يأخذ كفا من ماء ثم يميل أذنه ويضعها عليه ليأمن من وصوله لباطنه وبحث تعين ذلك على الصائم للأمن به من المفطر ( ثم ) بعد تعهدها ( يفيض ) الماء ( على رأسه و ) قبل الإفاضة عليه الأولى له إذا كان له شعر في نحو رأسه أو لحيته أنه ( يخلله ) بأن يدخل أصابعه العشر مبلولة أصول شعره للاتباع ويسن تخليل سائر شعوره ؛ لأن ذلك أقرب إلى الثقة بعموم الماء لها والمحرم كغيره لكن يتحرى الرفق خشية الانتتاف ( ثم ) بعد الفراغ من الرأس تخليلا ثم إفاضة يفيض الماء على ( شقه الأيمن ) مقدمه ثم مؤخره ( ثم ) بعد فراغه منه جميعه يفيضه على شقه ( الأيسر ) كذلك [ ص: 280 ] وفارق ما يأتي في غسل الميت بأن ما هناك فيه يستلزم تكرر قلبه وفيه مشقة بخلافه هنا وما ذكر من هذا الترتيب هو مراد من عبر بعد ذلك يسن ترتيب الغسل خلافا لما يوهمه بعض العبارات . أحدث بعد ارتفاع جنابة أعضاء وضوئه
( تنبيه )
وقع في الروضة وغيرها ما يصرح بأنه لشرفها ونازع فيه يقدم غسل أعضاء وضوئه على الإفاضة على رأسه الزركشي ثم أوله بما تنبو عنه عبارتها ، وقد توجه على بعدها بأن شرف أعضاء الوضوء اقتضى تكرير طهارتها بالوضوء أولا ثم يغسلها بعد ثم يغسلها في ضمن الإفاضة على الرأس ثم البدن ( ويدلك ) ما تصل له يده من بدنه خروجا من خلاف من أوجبه دليلنا أن الآية والخبر ليس فيهما تعرض له مع أن اسم الغسل شرعا ولغة لا يفتقر إليه ويؤخذ من العلة أن ما لم تصل له يده يتوصل إلى دلكه بيد غيره مثلا إذ المخالف يوجب ذلك ( ويثلث ) بالشروط السابقة في الوضوء تخليل رأسه ثم غسله للاتباع ثم تخليل شعور وجهه ثم غسله ثم تخليل شعور بقية البدن ثم غسله قياسا عليه .
وهذا الترتيب ظاهر وإن لم أر من صرح به ، وتثليث البقية إما بأن يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر ثم هكذا ثانية ثم ثالثة أو يوالي ثلاثة الأيمن ثم ثلاثة الأيسر وكان قياس كيفية التثليث في الوضوء تعين الثانية للسنة واقتضاه كلام الشارح لكن من المعلوم الفرق بين ما هنا وثم فإن كلا من المغسول ثم كاليدين متميز منفصل عن الآخر فتعينت فيه تلك الكيفية لذلك بخلاف ما هنا فإن كون البدن فيه كالعضو الواحد منع قياسه على الوضوء في خصوص ذلك وأوجب له حكما تميز به وهو حصول السنة بكل من الكيفيتين فتأمله .
وكذا يسن تثليث الدلك والتسمية والذكر وسائر السنن هنا نظير ما مر هناك ومن ثم جرى هنا أكثر سنن الوضوء كتسمية مقترنة بالنية واستصحابها وترك نفض وتنشف واستعانة وتكلم لغير عذر وكالذكر عقبه والاستقبال والموالاة بتفصيلها السابق ثم وسيذكرها في التيمم وغير ذلك [ ص: 281 ] ويكفي في راكد وإن قل تحرك جميع البدن ثلاثا وإن لم ينقل قدميه إلى محل آخر على الأوجه من اضطراب فيه بين الإسنوي والمتعقبين لكلامه ؛ لأن كل حركة توجب مماسة ماء لبدنه غير الماء الذي قبلها ولم ينظر لهذه الغيرية المقتضية للانفصال المقتضي للاستعمال ؛ لأن المدار في الانفصال المقتضي له على انفصال البدن عنه عرفا وما هنا ليس كذلك وكان الفرق أنه يغتفر في حصول سنة التثليث ما لا يغتفر في حصول الاستعمال ؛ لأنه إفساد للماء فلا يكفي فيه الأمور الاعتبارية ، وقد مر فيمن أن له أن يحركها ثلاثا وتحصل له سنة التثليث أدخل يده بلا نية اغتراف ولو بكرا أو عجوزا خلية غير المحدة والمحرمة ( لحيض ) ولو احتمالا كما في المتحيرة على الأوجه أو نفاس ، وتنجسه بخروج الدم لا يمنع تطييبه المقصود منه ( أثره ) أي عقب انقطاع دمه والغسل منه ( مسكا ) بأن تجعله في قطنة وتدخلها فرجها الواجب غسله لا غيره وإن أصابه الدم خلافا ( وتتبع ) المرأة للمحاملي والمتولي نعم للثقبة التي ينقض خارجها حكم الفرج على الأوجه .
وذلك لأمره صلى الله عليه وسلم بما ذكر ومن ثم تأكد وكره تركه ؛ لأنه يطيب المحل ثم يهيئه للعلوق حيث كان قابلا له ( وإلا ) ترده وإن وجدته بسهولة ( فنحوه ) من طيب وأولاه أكثره حرارة كقسط أو أظفار [ ص: 282 ] ومن ثم جاء عن عائشة رضي الله عنها استعمال الآس فالنوى فالملح فإن لم ترد الطيب فالطين لحصول أصل الطيب بذلك بل لو جعلت ماء غير ماء الرفع بدل ذلك كفى في دفع كراهة ترك الإتباع بل وفي حصول أصل سنة النظافة كما هو ظاهر فالترتيب للأولوية كما علم مما تقرر وبه يندفع ما قيل إجزاء غير المسك مع وجوده فيه استنباط معنى يعود على النص بالإبطال ووجه اندفاعه أنه يكفي في حكمة النص عليه كونه أفضل من غيره أما المحدة فتقتصر على قليل قسط أو أظفار ولا يضر ما فيهما من التطيب ؛ لأنه يسير جدا فسومح لها فيها للحاجة قال الأذرعي والمحرمة كالمحدة وأولى بالمنع أي لقصر زمن الإحرام غالبا .
ومن ثم رجح غيره الفرق بينهما وسيأتي في الصائمة أنه يكره لها التطيب فلو انقطع قبيل الفجر فنوت وأرادت الغسل بعده لم يسن لها التطيب فيما يظهر