سورة الشمس
مكية عند جميعهم بسم الله الرحمن الرحيم
والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها
قوله تعالى والشمس وضحاها هذان قسمان : قسم بالشمس ، وقسم بضحاها ، وفي ضحاها أربعة أوجه :
أحدها : هو إشراقها ، قاله . مجاهد
الثاني : هو انبساطها ، قاله اليزيدي .
الثالث : حرها ، قاله . السدي
الرابع : هذا النهار ، قاله . ويحتمل خامسا : أنه ما ظهر بها من كل مخلوق ، فيكون القسم بها وبالمخلوقات كلها . قتادة والقمر إذا تلاها ففيه وجهان :
أحدهما : إذا ساواها ، قاله . مجاهد
الثاني : إذا تبعها ، قاله . وفي اتباعه لها ثلاثة أوجه : ابن عباس
[ ص: 282 ]
أحدها : أول ليلة من الشهر إذا سقطت الشمس يرى القمر عند سقوطها ، قاله . قتادة
الثاني : الخامس عشر من الشهر يطلع القمر مع غروب الشمس ، قاله . الطبري
الثالث : في الشهر كله فهو في النصف الأول يتلوها ، وتكون أمامه وهو وراءها ، وإذا كان في النصف الأخير كان هو أمامها وهي وراءه ، قاله . ويحتمل رابعا : أنه خلفها في الليل ، فكان له مثل ما لها في النهار لأن تأثير كل واحد منهما في زمانه ، فللشمس النهار . وللقمر الليل . ابن زيد والنهار إذا جلاها فيه وجهان :
أحدهما : أضاءها ، يعني الشمس لأن ضوءها بالنهار يجلي ظلمة الليل ، قاله . مجاهد
الثاني : أظهرها ، لأن ظهور الشمس بالنهار ، ومنه قول قيس بن الخطيم
تجلب لنا كالشمس بين غمامة بدا حاجب منها وضنت بحاجب
ويحتمل ثالثا : أن النهار جلى ما في الأرض من حيوانها حتى ظهر لاستتاره ليلا وانتشاره نهارا . والليل إذا يغشاها فيه وجهان :
أحدهما : أظلمها ، يعني الشمس ، وهو مقتضى قول . مجاهد
الثاني : يسترها ، ومنه قول الخنساء
أرعى النجوم وما كلفت رعيتها وتارة أتغشى فضل أطماري
والسماء وما بناها فيه وجهان :
أحدهما : والسماء وبنائها ، قاله . قتادة
الثاني : معناه ومن بناها وهو الله تعالى ، قاله مجاهد . ويحتمل ثالثا : والسماء وما في بنائها ، يعني من الملائكة والنجوم ، فيكون هذا [ ص: 283 ] والحسن
قسما بما في السماء ، ويكون ما تقدمه قسما بما في الأرض . والأرض وما طحاها فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه بسطها ، قاله سفيان . وأبو صالح
الثاني : معناه قسمها ، قاله . ابن عباس
الثالث : يعني ما خلق فيها ، قاله عطية العوفي ، ويكون طحاها بمعنى خلقها ، قال الشاعر
وما تدري جذيمة من طحاها ولا من ساكن العرش الرفيع
ويحتمل رابعا : أنه ما خرج منها من نبات وعيون وكنوز ، لأنه حياة لما خلق عليها . ونفس وما سواها في النفس قولان :
أحدهما : آدم ، ومن سواها : الله تعالى ، قاله . الحسن
الثاني : أنها كل نفس . وفي معنى سواها على هذا القول وجهان :
أحدهما : سوى بينهم في الصحة ، وسوى بينهم في العذاب جميعا ، قاله . ابن جريج
الثاني : سوى خلقها وعدل خلقها ، قاله . ويحتمل ثالثا : سواها بالعقل الذي فضلها به على جميع الحيوانات . مجاهد فألهمها فجورها وتقواها في " ألهمها " تأويلان :
أحدهما : أعلمها ، قاله . مجاهد
الثاني : ألزمها ، قاله . وفي ابن جبير فجورها وتقواها ثلاثة تأويلات : أحدها : الشقاء والسعادة ، قاله . مجاهد
الثاني : الشر والخير ، قاله . ابن عباس
الثالث : الطاعة والمعصية ، قاله . الضحاك
[ ص: 284 ]
ويحتمل رابعا : الرهبة والرغبة لأنهما داعيا الفجور والتقوى . وروى جويبر عن عن الضحاك ابن عباس فألهمها فجورها وتقواها رفع صوته : اللهم آت نفسي تقواها ، أنت وليها ومولاها ، وأنت خير من زكاها) . أن النبي عليه السلام كان إذا قرأ هذه الآية قد أفلح من زكاها على هذا وقع القسم ، قال : فيها أحد عشر قسما . وفيه وجهان : ابن عباس
أحدهما : قد أفلح من زكى الله نفسه بطاعة الله وصالح الأعمال .
الثاني : قد أفلح من زكى نفسه بطاعة الله وصالح الأعمال . وفي زكاها وجهان :
أحدهما : طهرها ، وهو قول . مجاهد
الثاني : أصلحها ، وهو قول . سعيد بن جبير وقد خاب من دساها فيه وجهان :
أحدهما : على ما قضى وقد خاب من دسى الله نفسه .
الثاني : من دسى نفسه . وفي دساها سبعة تأويلات : أحدها : أغواها وأضلها ، قاله مجاهد ، لأنه دسى نفسه في المعاصي ، ومنه قول الشاعر وسعيد بن جبير
وأنت الذي دسيت عمرا فأصبحت حلائلهم فيهم أرامل ضيعا
الثاني : إثمها وفجورها ، قاله . قتادة
الثالث : خسرها ، قاله . عكرمة
[ ص: 285 ]
الرابع : كذبها ، قاله . ابن عباس
الخامس : أشقاها ، قاله ابن سلام .
السادس : جنبها في الخير ، وهذا قول . الضحاك
السابع : أخفاها وأخملها بالبخل ، حكاه . ابن عيسى