وقوله تعالى : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قيل في معنى معدودة : إنها قليلة ، كقوله : وشروه بثمن بخس دراهم معدودة أي قليلة وقال ابن عباس في قوله وقتادة أياما معدودة إنها أربعون يوما مقدار ما عبدوا العجل ، وقال الحسن : سبعة أيام وقال تعالى : ومجاهد كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فسمى أيام الصوم في هذه الآية معدودات وأيام الشهر كله ، وقد احتج شيوخنا لأقل وأكثره أنها ثلاثة وعشرة بقول النبي صلى الله عليه وسلم : مدة الحيض . المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها
وفي بعض الألفاظ : واستدلوا بذلك على أن مدة الحيض تسمى أياما وأقلها ثلاثة وأكثرها عشرة ؛ لأن ما دون الثلاثة يقال يوم أو يومان وما زاد على العشرة يقال فيه أحد عشر يوما ، وإنما يتناول هذا الاسم ما بين الثلاثة إلى العشرة ، فدل ذلك على مقدار أقله وأكثره فمن الناس من يعترض على هذا الاستدلال بقوله : دعي الصلاة أيام حيضك أياما معدودات وهي أيام الشهر ، وقوله : إلا أياما معدودة وقد قيل [ ص: 47 ] فيه أربعون يوما وهذا عندنا لا يقدح في استدلالهم ؛ لأن قوله تعالى أياما معدودات جائز أن يريد به أياما قليلة كقوله : دراهم معدودة يعني قليلة ، ولم يرد به تحديد العدد وتوقيت مقداره ، وإنما المراد به أنه لم يفرض عليهم من الصوم ما يشتد ويصعب ويحتمل أن يريد به وقتا مبهما كقولهم : أيام بني أمية ، وأيام الحجاج ، ولا يراد به تحديد الأيام وإنما المراد به زمان ملكهم وقوله عليه السلام : قد أريد به لا محالة تحديد الأيام ، إذ لا بد من أن يكون للحيض وقت معين مخصوص لا يتجاوزه ولا يقصر عنه ، فمتى أضيف ذكر الأيام إلى عدد مخصوص يتناول ما بين الثلاثة إلى العشرة . دعي الصلاة أيام أقرائك