واختلف في فعل
nindex.php?page=treesubj&link=338صلاتي فرض بتيمم واحد ، فقال : ( يصلي بتيممه ما شاء من الصلوات ما لم يحدث أو يجد الماء ) وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، وهو مذهب
إبراهيم وحماد nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ( لا يصلي صلاتي فرض بتيمم واحد ، ولا يصلي الفرض بتيمم النافلة ، ويصلي النافلة بعد الفرض بتيمم الفرض ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16100شريك بن عبد الله : ( يتيمم لكل صلاة فرض ويصلي الفرض والنفل وصلاة الجنازة بتيمم واحد ) .
والدليل على صحة قولنا قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=72304التراب كافيك ولو إلى عشر حجج فإذا وجدت الماء فأمسسه جلدك وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=46881التراب طهور المسلم ما لم يجد الماء فجعل التراب طهورا ما لم يجد الماء ولم يوقته بفعل الصلاة . وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=63240ولو إلى عشر حجج على وجه التأكيد ، وليس المراد حقيقة الوقت ، وهو كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ليس المراد به توقيت العدد المذكور ، وإنما المراد تأكيد نفي الغفران .
فإن قيل : لم يذكر الحدث وهو ينقض التيمم ، كذلك فعل الصلاة . قيل له : لأن بطلانه بالحدث كان معلوما عند المخاطبين فلم يحتج إلى ذكره ، وإنما ذكر ما لم يكن معلوما عندهم وأكده ببقائه إلى وجود الماء . وأيضا فإن المعنى المبيح للصلاة
[ ص: 22 ] بالتيمم بديا كان عدم الماء وهو قائم بعد فعل الصلاة ، فينبغي أن يبقى تيممه ، ولا فرق فيه بين الابتداء والبقاء ، إذا كان المعنى فيهما واحدا وهو عدم الماء . وأيضا لما كان المسح على الخفين بدلا من الغسل كما أن التيمم بدل منه ، ثم جاز عند الجميع فعل صلاتين بمسح واحد ، جاز فعلهما أيضا بتيمم واحد .
وأيضا فلا يخلو المتيمم بعد فعل صلاته من أن تكون طهارته باقية أو زائلة ، فإن كانت زائلة فالواجب أن لا يصلي بها نفلا ؛ لأن النفل والفرض لا يختلفان في باب الطهارة ، وإن كانت باقية فجائز أن يصلي به فرضا آخر .
فإن قيل : قد خفف أمر النفل عن الفرض حتى جاز على الراحلة وإلى غير القبلة من غير ضرورة ، ولا يجوز فعل الفرض على هذا الوجه إلا لضرورة . قيل له : إنهما وإن اختلفا من هذا الوجه فلم يختلفا في أن شرط كل واحد منهما الطهارة ، فمن حيث جاز النفل بالتيمم الذي أدى به الفرض فواجب أن يجوز فعل فرض آخر به ، وإنما خفف أمر النفل في جواز فعله على الراحلة وإلى غير القبلة ؛ لأن فعل الفرض جائز على هذه الصفة في حال الضرورة ، وأما الطهارة فلا يختلف فيها حكم النفل والفرض في الأصول . واستدل من خالف في ذلك بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فلم تجدوا ماء فتيمموا وذلك يقتضي وجوب تجديد الطهارة على كل قائم إليها ، فوجب بحق العموم إيجاب تجديد التيمم لكل صلاة . قيل له : هذا غلط ؛ لأن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم لا يقتضي التكرار في اللغة ، وقد بيناه فيما سلف ، ألا ترى أنه لم يقتضه في استعمال الماء ؟ فكذلك في التيمم . وعلى أنه أوجب التيمم في الحال التي لو كان الماء موجودا لكان مأمورا باستعماله ، فجعل التيمم بدلا منه ، فإنما يجب التيمم على الوجه الذي يجب فيه الأصل ، فأما حال أخرى غير هذه فليس في الآية ذكر إيجابه فيها ، فإذا كان الماء لو كان موجودا لم يلزمه تجديد الطهارة به للصلاة الثانية بعدما صلى بها الصلاة الأولى كان كذلك حكم التيمم .
فإن قيل : التيمم لا يرفع الحدث ، فليس هو بمنزلة الماء الذي يرفعه ؛ فلما كان الحدث باقيا مع التيمم وجب عليه تجديده . قيل له : ليس بقاء الحدث علة لإيجاب تكرار التيمم ؛ لأنه لو كان كذلك لوجب عليه تكراره أبدا قبل الدخول في الصلاة لهذه العلة ، فلما جاز أن يفعل الصلاة الأولى بالتيمم مع بقاء الحدث كانت الثانية مثلها إذا كان التيمم مفعولا لأجل ذلك الحدث بعينه الذي يريد إيجاب التيمم من أجله ، وقد وقع له مرة فلا يجب ثانية .
وأيضا فإن هذه العلة منتقضة بالمسح على الخفين لبقاء الحدث في
[ ص: 23 ] الرجل مع المسح ويجوز فعل صلوات كثيرة به ، وينتقض أيضا بتجويز مخالفينا صلاة نافلة بعد الفرض لوجود الحدث .
فإن قيل : هلا جعلته كالمستحاضة عند خروج وقتها قيل له : قد ثبت عندنا أن رخصة المستحاضة مقدرة بوقت الصلاة ، ولا نعلم أحدا يجعل رخصة التيمم مقدرة بالوقت ، فهو قياس فاسد منتقض وعلى أن المستحاضة مخالفة للمتيمم من قبل أنه قد وجد منها حدث بعد وضوئها ، والوقت رخصة في فعل الصلاة مع الحدث ، فإذا خرج الوقت توضأت لحدث وجد بعد طهارتها ؛ ولم يوجد في التيمم حدث بعد تيممه ، فطهارته باقية .
وَاخْتُلِفَ فِي فِعْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=338صَلَاتَيْ فَرْضٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ ، فَقَالَ : ( يُصَلِّي بِتَيَمُّمِهِ مَا شَاءَ مِنَ الصَّلَوَاتِ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَجِدِ الْمَاءَ ) وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
إِبْرَاهِيمَ وَحَمَّادٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : ( لَا يُصَلِّي صَلَاتَيْ فَرْضٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ ، وَلَا يُصَلِّي الْفَرْضَ بِتَيَمُّمِ النَّافِلَةِ ، وَيُصَلِّي النَّافِلَةَ بَعْدَ الْفَرْضِ بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16100شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : ( يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَرْضٍ وَيُصَلِّي الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ ) .
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=72304التُّرَابُ كَافِيكَ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ حِجَجٍ فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَكَ وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=46881التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَجَعَلَ التُّرَابَ طَهُورًا مَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَلَمْ يُوَقِّتْهُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=63240وَلَوْ إِلَى عَشْرِ حِجَجٍ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْوَقْتِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ تَوْقِيتَ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَأْكِيدُ نَفْيِ الْغُفْرَانِ .
فَإِنْ قِيلَ : لَمْ يَذْكُرِ الْحَدَثَ وَهُوَ يَنْقُضُ التَّيَمُّمَ ، كَذَلِكَ فِعْلُ الصَّلَاةِ . قِيلَ لَهُ : لِأَنَّ بُطْلَانَهُ بِالْحَدَثِ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى ذِكْرِهِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ وَأَكَّدَهُ بِبَقَائِهِ إِلَى وُجُودِ الْمَاءِ . وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَعْنَى الْمُبِيحَ لِلصَّلَاةِ
[ ص: 22 ] بِالتَّيَمُّمِ بَدِيًّا كَانَ عَدَمُ الْمَاءِ وَهُوَ قَائِمٌ بَعْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى تَيَمُّمُهُ ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالْبَقَاءِ ، إِذَا كَانَ الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدًا وَهُوَ عَدَمُ الْمَاءِ . وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَدَلًا مِنَ الْغَسْلِ كَمَا أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ مِنْهُ ، ثُمَّ جَازَ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِعْلُ صَلَاتَيْنِ بِمَسْحٍ وَاحِدٍ ، جَازَ فِعْلُهُمَا أَيْضًا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ .
وَأَيْضًا فَلَا يَخْلُو الْمُتَيَمِّمُ بَعْدَ فِعْلِ صَلَاتِهِ مِنْ أَنْ تَكُونَ طَهَارَتُهُ بَاقِيَةً أَوْ زَائِلَةً ، فَإِنْ كَانَتْ زَائِلَةً فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ بِهَا نَفْلًا ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ وَالْفَرْضَ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي بَابِ الطَّهَارَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فَجَائِزٌ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فَرْضًا آخَرَ .
فَإِنْ قِيلَ : قَدْ خُفِّفَ أَمْرُ النَّفْلِ عَنِ الْفَرْضِ حَتَّى جَازَ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ ، وَلَا يَجُوزُ فِعْلُ الْفَرْضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ . قِيلَ لَهُ : إِنَّهُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي أَنَّ شَرْطَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الطَّهَارَةُ ، فَمِنْ حَيْثُ جَازَ النَّفَلُ بِالتَّيَمُّمِ الَّذِي أَدَّى بِهِ الْفَرْضَ فَوَاجِبٌ أَنْ يَجُوزَ فِعْلُ فَرْضٍ آخَرَ بِهِ ، وَإِنَّمَا خُفِّفَ أَمْرُ النَّفْلِ فِي جَوَازِ فِعْلِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْفَرْضِ جَائِزٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ ، وَأَمَّا الطَّهَارَةُ فَلَا يَخْتَلِفُ فِيهَا حُكْمُ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ فِي الْأُصُولِ . وَاسْتَدَلَّ مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ تَجْدِيدِ الطَّهَارَةِ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إِلَيْهَا ، فَوَجَبَ بِحَقِّ الْعُمُومِ إِيجَابُ تَجْدِيدِ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ . قِيلَ لَهُ : هَذَا غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إِذَا قُمْتُمْ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فِي اللُّغَةِ ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَلَفَ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقْتَضِهِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ ؟ فَكَذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ . وَعَلَى أَنَّهُ أَوْجَبَ التَّيَمُّمَ فِي الْحَالِ الَّتِي لَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا لَكَانَ مَأْمُورًا بِاسْتِعْمَالِهِ ، فَجَعَلَ التَّيَمُّمَ بَدَلًا مِنْهُ ، فَإِنَّمَا يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْأَصْلُ ، فَأَمَّا حَالٌ أُخْرَى غَيْرُ هَذِهِ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ إِيجَابِهِ فِيهَا ، فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَمْ يَلْزَمْهُ تَجْدِيدُ الطَّهَارَةِ بِهِ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَمَا صَلَّى بِهَا الصَّلَاةَ الْأُولَى كَانَ كَذَلِكَ حُكْمُ التَّيَمُّمِ .
فَإِنْ قِيلَ : التَّيَمُّمُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ ، فَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الَّذِي يَرْفَعُهُ ؛ فَلَمَّا كَانَ الْحَدَثُ بَاقِيًا مَعَ التَّيَمُّمِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُهُ . قِيلَ لَهُ : لَيْسَ بَقَاءُ الْحَدَثِ عِلَّةً لِإِيجَابِ تَكْرَارِ التَّيَمُّمِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ تَكْرَارُهُ أَبَدًا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَفْعَلَ الصَّلَاةَ الْأُولَى بِالتَّيَمُّمِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ كَانَتِ الثَّانِيَةُ مِثْلَهَا إِذَا كَانَ التَّيَمُّمُ مَفْعُولًا لِأَجْلِ ذَلِكَ الْحَدَثِ بِعَيْنِهِ الَّذِي يُرِيدُ إِيجَابَ التَّيَمُّمِ مِنْ أَجْلِهِ ، وَقَدْ وَقَعَ لَهُ مَرَّةً فَلَا يَجِبُ ثَانِيَةً .
وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مُنْتَقَضَةٌ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِبَقَاءِ الْحَدَثِ فِي
[ ص: 23 ] الرَّجُلِ مَعَ الْمَسْحِ وَيَجُوزُ فِعْلُ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةٍ بِهِ ، وَيُنْتَقَضُ أَيْضًا بِتَجْوِيزِ مُخَالِفِينَا صَلَاةً نَافِلَةً بَعْدَ الْفَرْضِ لِوُجُودِ الْحَدَثِ .
فَإِنْ قِيلَ : هَلَّا جَعَلْتَهُ كَالْمُسْتَحَاضَةِ عِنْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا قِيلَ لَهُ : قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّ رُخْصَةَ الْمُسْتَحَاضَةِ مُقَدَّرَةٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَجْعَلُ رُخْصَةَ التَّيَمُّمِ مُقَدَّرَةً بِالْوَقْتِ ، فَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ مُنْتَقَضٌ وَعَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ مُخَالِفَةٌ لِلْمُتَيَمِّمِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهَا حَدَثٌ بَعْدَ وُضُوئِهَا ، وَالْوَقْتُ رُخْصَةٌ فِي فِعْلِ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ ، فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ تَوَضَّأَتْ لِحَدَثٍ وُجِدَ بَعْدَ طَهَارَتِهَا ؛ وَلَمْ يُوجَدْ فِي التَّيَمُّمِ حَدَثٌ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ ، فَطَهَارَتُهُ بَاقِيَةٌ .