فصل والمعادة : إذا أقيمت الصلاة وهو في المسجد تعاد في وقت النهي عند الجمهور : كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم . وأبي ثور
وأبو حنيفة وغيره جعلوها مما نهي عنه واحتج الأكثرون بثلاثة أحاديث : [ ص: 189 ] أحدها : حديث جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه قال : { } رواه أهل السنن . شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف وأنا غلام شاب فلما قضى صلاته . إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه فقال : علي بهما فأتي بهما ترعد فرائصهما فقال : ما منعكما أن تصليا معنا ؟ قالا : يا رسول الله قد صلينا في رحالنا . قال : لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة كأبي داود والترمذي وغيرهما وأحمد والأثرم .
والثاني : ما رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن بشر بن محجن عن أبيه : { ومحجن في مجلسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما منعك أن تصلي مع الناس ؟ ألست برجل مسلم ؟ قال : بلى يا رسول الله ولكن قد صليت في أهلي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت } وهذا يدل بعمومه والأول صريح في الإعادة بعد الفجر . أنه كان جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأذن للصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم رجع
الثالث : ما روى مسلم في الصحيح عن قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي ذر ؟ قال : قلت فما تأمرني ؟ قال : صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة أمراء [ ص: 190 ] يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها } وفي رواية له { كيف أنت إذا كانت عليك } وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب فخذي : كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها ؟ قال : فما تأمرني ؟ قال : صل الصلاة لوقتها ثم اذهب لحاجتك فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل لمسلم أيضا { } وهذه النصوص تتناول صلاة الظهر والعصر قطعا فإنهما هما اللتان كان الأمراء يؤخرونهما ; بخلاف الفجر فإنهم لم يكونوا يصلونها بعد طلوع الشمس وكذلك المغرب لم يكونوا يؤخرونها ولكن كانوا يؤخرون العصر أحيانا إلى شروع الغروب . صل الصلاة لوقتها فإن أدركت الصلاة فصل ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي
وحينئذ فقد أمره أن يصلي الصلاة لوقتها ثم يصليها معهم بعد أن صلاها ويجعلها نافلة وهو في وقت نهي لأنه قد صلى العصر ; ولأنهم قد يؤخرون العصر إلى الاصفرار فهذا صريح بالإعادة في وقت النهي .