( قال ) : كل الشافعي أخذ وإن لم يوجد بعينه فهو دين عليه يتبع به قال : وإن ما استهلك المحارب أو السارق من أموال الناس فوجد بعينه سقط عنهم ما لله عز وجل من الحد ولزمهم ما للناس من حق فمن قتل منهم دفع إلى أولياء المقتول فإن شاء عفا وإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية حالا من مال القاتل ومن جرح منهم جرحا فيه قصاص فالجروح بين خيرتين إن أحب فله القصاص وإن أحب فله عقل الجروح فإن كان فيهم عبد فأصاب دما عمدا فولي الدم بالخيار بين أن يقتله أو يباع له فتؤدى إليه دية قتله إن كان حرا وإن كان عبدا فقيمة قتيله فإن فضل من ثمنه شيء رد إلى مالكه فإن عجز عن الدية لم يضمن مالكه شيئا وإن كان كفافا للدية فهو لولي القتيل إلا أن يشاء مالك العبد إذا عفا له عن القصاص أن يتطوع بدية الذي قتله عبده أو قيمته وإذا تاب المحاربون من قبل أن نقدر عليهم فحكمها حكم الرجال لأني وجدت أحكام الله عز وجل على الرجال والنساء في الحدود واحدة قال الله تبارك وتعالى { كانت في المحاربين امرأة الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وقال { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ولم يختلف المسلمون في أن تقتل المرأة إذا قتلت وإذا أحدث المسلم حدثا في دار الإسلام فكان مقيما بها ممتنعا أو مستخفيا أو لحق بدار الحرب فسأل الأمان على إحداثه فإن كان فيها حقوق للمسلمين لم ينبغ للإمام أن يؤمنه عليها ولو أمنه عليها فجاء طالبها وجب عليه أن يأخذه بها وإن كان ارتد عن الإسلام فأحدث بعد الردة ثم استأمن أو جاء مؤمنا سقط عنه جميع ما أحدث في الردة والامتناع قد ارتد طليحة عن الإسلام وثنيا وقتل ثابت بن أفرم ثم أسلم فلم يقد بواحد منهما ولم يؤخذ منه عقل لواحد منهما وإنما أمر الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام فقال { وعكاشة بن محصن وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه } ولم أعلم بذلك في أحد من أهل الإسلام فإن قال قائل : فلم لا تجعل ذلك في أهل الإسلام الممتنعين كما تجعله في المشركين الممتنعين ؟ قيل : لما وصفنا من سقوط ما أصاب المشرك في شركه وامتناعه من دم أو مال عنه وثبوت ما أصاب المسلم في امتناعه مع إسلامه فإن الحدود إنما هي على المؤمنين لا على المشركين ووجدت الله عز وجل حد المحاربين وهم ممتنعون كما حد غيرهم وزادهم في الحد بزيادة ذنبهم ولم يسقط عنهم بعظم الذنب شيئا كما أسقط عن المشركين وإذا فعليه أن يرده على سيده وكذلك لو قال على أنك حر كان أن يرده إلى سيده وأمان الإمام في حقوق الناس باطل وإذا قطع الرجل الطريق على رجلين أحدهما أبوه أو ابنه وأخذ المال فإن كان ما أخذ من حصة الذي ليس بأبيه يبلغ ربع دينار فصاعدا قطع كان مالهما مختلطا أو لم يكن لأن أحدهما لا يملك بمخالطته مال غيره إلا مال نفسه فإن استيقنا أن قد وصل إليه ربع دينار من غير مال أبيه أو ابنه قطعناه وإذا أبق العبد من سيده ولحق بدار الحرب ثم استأمن الإمام على أن لا يرده على سيده أهل الذمة . [ ص: 313 ] على المسلمين قطع
حدوا حدود المسلمين وإذا قطع المسلمون على أهل الذمة حدوا حدودهم لو قطعوا على المسلمين إلا أني أتوقف في أن أقتلهم إن قتلوا أو أضمنهم الدية وإذا - لم يقطع لأن لكل واحد منهما فيه نصيب الحر بسهمه والعبد بما يرضخ له ويضمن وكذلك كل من سرق من بيت المال وكذلك كل من سرق الرجل من المغنم وقد حضر القتال - عبدا كان أو حرا ومن سرق خمرا من كتابي وغيره فلا غرم عليه ولا قطع وكذلك إن سرق ميتة من مجوسي فلا قطع ولا غرم لا يكون القطع والغرم إلا فيما يحل ثمنه فإذا بلغت قيمة الظرف ربع دينار قطعته من قبل أنه سارق لشيئين وعاء يحل بيعه والانتفاع به إذا غسل وخمر قد سقط القطع فيها كما يكون عليه القطع لو سرق شاتين : إحداهما ذكية والأخرى ميتة وكانت قيمة الذكية ربع دينار لم يسقط عنه القطع أن يكون معها ميتة والميتة كلا شيء وكأنه منفرد بالذكية لأنه سارق لهما ، والله أعلم . سرق من زكاة الفطر وهو من أهل الحاجة