الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقلت له أرأيت عبيدا أهل فضل ومروءة وأمانة يشهد بعضهم لبعض قال لا تجوز شهادتهم قلت لا يخلطهم غيرهم في أرض رجل ، أو ضيعته فيهم قتل وطلاق وحقوق وغيرها ومتى ردت شهادتهم بطلت دماؤهم وحقوقهم قال فأنا لم أبطلها وإنما أمرت بإجازة شهادة الأحرار العدول المسلمين قلت وهكذا أعراب كثير في موضع لا يعرف عدلهم وهكذا أهل سجن لا يعرف عدلهم ولا يخلط هؤلاء ولا هؤلاء أحد يعدل أتبطل الدماء ، والأموال التي بينهم وهم أحرار مسلمون لا يخالطهم غيرهم ؟ قال نعم ; لأنهم ليسوا ممن شرط الله قلنا ولا أهل الذمة ممن شرط الله ؟ ، بل هم أبعد ممن شرط الله من عبيد عدول لو أعتقوا جازت شهادتهم من غد ، ولو أسلم ذمي لم تجز شهادته حتى نختبر إسلامه وقلت له إذا احتججت ب { اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم } أفتجيزها على وصية المسلم حيث ذكرها الله عز وجل ؟ قال لا ; لأنها منسوخة قلنا أفتنسخ فيما نزلت فيه وتثبت في غيره ؟ لو قال هذا غيرك كنت شبيها أن تخرج من جوابه إلى شتمه قال ما قلنا فيها إلا أن أصحابنا قالوه وأردنا الرفق بهم قلنا الرفق بالعبيد المسلمين العدول ، والأحرار من الأعراب وأهل السجن كان أولى بك وألزم لك من الرفق بأهل الذمة فلم ترفق بهم ; لأن شرط الله في الشهود غيرهم وغير أهل الذمة فكيف جاوزت شرط الله تعالى في أهل الذمة للرفق بهم ولم تجاوزه في المسلمين للرفق بهم وقلت أيضا على هذا المعنى إذا تحاكموا إلينا ، وقد زنى منه ثيب رجمناه .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا } ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فرجع بعضهم إلى هذا القول وقال أرجمهما إذا زنيا ; لأن ذلك حكم الإسلام وأقام بعضهم على أن لا يرجمهما إذا زنيا وقالوا جميعا في الجملة نحكم عليهم بحكم الإسلام فقلت لبعضهم أرأيت إذا أربوا فيما بينهم والربا عندهم حلال ؟ قال أرد الربا ; لأنه حرام عندنا قلت ولا تلتفت إلى ما عندهم من إحلاله ؟ قال لا قلت أرأيت إن اشترى مجوسي منهم بين يديك غنما بألف ، ثم وقذها كلها ليبيعها فباع بعضها موقوذا بربح وبقي بعضها فحرقها عليه مسلم ، أو مجوسي فقال هذا مالي وهذه ذكاته عندي وحلال في ديني ، وقد نقدت ثمنه بين يديك وبعت بعضه بربح ، والباقي كنت بائعه بربح ، ثم حرقه هذا ؟ قال فليس لك عليه شيء قلت فإن قال لك : ولم ؟ قال : لأنه حرام ، قلت : فإن قال لك : حرام عندك أو عندي ؟ قال : أقول له : عندي ، قلت : فقال : هو حلال عندي ، قال : وإن كان حلالا عندك فهو حرام عندي علي وما كان حراما علي فهو حرام عليك قلت فإن قال فأنت تقرني على أن آكله ، أو أبيعه وأنا في دار الإسلام وتأخذ مني عليه الجزية قال فإن أقررتك عليه فإقرارك عليه ليس هو الذي يوجب لك على أن أصير لك شريكا بأن أحكم لك به قلت فما تقول إن قتل له خنزيرا ، أو أهراق له خمرا ؟ قال يضمن ثمنه قلت ولم قال ; لأنه مال له قلت أحرام عليك أم غير حرام ؟ قال ، بل حرام قلت أفتقضي له بقيمة الحرام ما فرق بينه وبين الربا وثمن الميتة للميتة كانت أولى أن يقضى له بثمنها ; لأن فيها أهبا قد يسلخها فيدبغها فتحل له وليس في الخنزير عندك ما يحل

التالي السابق


الخدمات العلمية