قوله تعالى : ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون .
هدد الله تعالى الكفار في هذه الآية الكريمة بأمره نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتركهم يأكلون ويتمتعون ، فسوف يعلمون حقيقة ما يئول إليه الأمر من شدة تعذيبهم وإهانتهم . وهددهم هذا النوع من التهديد في مواضع أخر كقوله : قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار [ 14 ] وقوله كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون [ 77 \ 46 ] وقوله : قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار [ 39 \ 8 ] وقوله : فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون [ 43 \ 83 ] ، [ 70 \ 42 ] وقوله فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون [ 52 \ 45 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وقد تقرر في فن المعاني وفي مبحث الأمر عند الأصوليين أن من المعاني التي تأتي لها صيغة افعل التهديد ، كما في الآية المذكورة ، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة ذرهم يعني اتركهم ، وهذا الفعل لم يستعمل منه إلا الأمر والمضارع ، فماضيه ترك ، ومصدره الترك ، واسم الفاعل منه تارك ، واسم المفعول منه متروك . وقال بعض العلماء : هذه الآية منسوخة بآيات السيف ، والعلم عند الله تعالى . قال القرطبي : " والأمل الحرص على الدنيا والانكباب عليها ، والحب لها والإعراض عن الآخرة " وعن الحسن - رحمه الله - أنه قال : " " وقد قدمنا علاج طول الأمل في سورة البقرة . ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل