الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2688 - وعن كعب بن عجرة - رضي الله عنه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر به وهو بالحديبية قبل أن يدخل مكة ، وهو محرم ، وهو يوقد تحت قدر ، والقمل تتهافت على وجهه ، فقال : " أتؤذيك هوامك ؟ " قال : نعم قال : " فاحلق رأسك وأطعم فرقا بين ستة مساكين - والفرق : ثلاثة آصع - " أو صم ثلاثة أيام أو انسك نسيكة " . متفق عليه .

التالي السابق


2688 - ( وعن كعب بن عجرة ) : بضم العين وسكون الجيم ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر به ) : فيه تجريد أو التفات أو نقل بالمعنى ( وهو ) أي كعب ( بالحديبية ) : بالتخفيف ويشدد ( قبل أن يدخل مكة ) : أي : وهو يتوقع دخولها حين لم يقع منع عن وصولها ( وهو محرم ، وهو يوقد ) : من الإيقاد ( تحت قدر ، والقمل ) : أي : جنه ( تتهافت ) : بالتاءين أي : تتساقط من رأسه ( على وجهه ، فقال ) : أي النبي : - صلى الله عليه وسلم - ( أيؤذيك ) : بالتذكير والتأنيث ( هوامك ) : بتشديد الميم جمع هامة ، وهي الدابة التي تسير على السكون كالنمل والقمل ( قال ) أي : كعب ( نعم ) : وأغرب ابن حجر في قوله : إن هوام الرأس عذر مع أنها لا تؤذي غالبا ، ذكره في أول الفصل الثالث . ( قال : فاحلق رأسك ) : أمر أمر إباحة ( وأطعم ) : وجوب ( فرقا ) : بفتح الراء وسكونها . قال الطيبي - رحمه الله : بالتحريك مكيال يسع ستة عشر رطلا ، وهي اثنا عشر مدا أو ثلاثة آصع ، وفي المفاتيح قال الأزهري : المحدثون على السكون ، وكلام العرب على التحريك ، فرق بينهما القتيبي ، فقال : الفرق بسكون الراء من الأواني والمقادير ستة عشر رطلا ، وبالفتح مكيال يسع ثمانين رطلا اهـ . والمعتمد ما يأتي في الأصل .

( بين ستة مساكين ) قال الطيبي - رحمه الله : فلكل واحد نصف صاع بلا فرق بين الأطعمة . قلت : إنه مطلق ، فيحمل على الغرد الأكمل وهو البر ، كما هو مذهبنا . ( والفرق ) : بالتحريك ويسكن ( ثلاثة آصع ) : كذا في صحيح مسلم ، وكتاب الحميدي ، وشرح السنة . وفي نسخ المصابيح : أصوع وكلاهما جمع أصاع ، أو خطأ من قال : آصع لحن . قال الطيبي : صح هذا اللفظ في الحديث ، وهو من قبيل القلب وأصله أصوع اهـ . والمراد بالقلب قلب المكاني بأن تجعل الواو مكان الصاد ، وعكسه بعد نقل حركة الواو إلى الصاد ، ثم تقلب الواو ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها ، وهذا التفسير من بعض الرواة جملة معترضة . ( أو صم ثلاثة أيام أو انسك نسيكة ) أي : اذبح ذبيحة ، والحديث تفسير لقوله - تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وأو للتخيير فيهما . ( متفق عليه ) : وفي رواية : احلق ثم اذبح نسكا ، أو صم ثلاثة ، أو أطعم ستة مساكين ثلاثة آصع من تمر . وفي رواية : لكل مسكين نصف صاع .



الخدمات العلمية