الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=10793_10800 [ ص: 552 ] 302 - الحديث الأول : عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=43555يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء }
" الباءة " النكاح ، مشتق من اللفظ الذي يدل على الإقامة والنزول ، و " الباءة " المنزل فلما كان الزوج ينزل بزوجته : سمي النكاح " باءة " لمجاز الملازمة nindex.php?page=treesubj&link=10793واستطاعة النكاح : القدرة على مؤنة المهر والنفقة .
وفيه دليل على أنه لا يؤمر به إلا القادر على ذلك وقد قالوا : من لم يقدر عليه ، فالنكاح مكروه في حقه ، وصيغة الأمر ظاهرة في الوجوب .
وقد nindex.php?page=treesubj&link=10795_10794_10793_10792_10791قسم الفقهاء النكاح إلى الأحكام الخمسة ، أعني الوجوب : والندب ، والتحريم ، والكراهة ، والإباحة وجعل الوجوب فيما إذا خاف العنت ، وقدر على النكاح ، إلا أنه لا يتعين واجبا ، بل إما هو ، وإما التسري فإن تعذر التسري تعين النكاح حينئذ للوجوب ، لا لأصل الشرعية .
وقد يتعلق بهذه الصيغة من يرى أن النكاح أفضل من التخلي لنوافل [ ص: 553 ] العبادات هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه .
وقوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=23781فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج } يحتمل أمرين أحدهما : أن تكون " أفعل " فيه مما استعمل لغير المبالغة والثاني : أن تكون على بابها ، فإن التقوى سبب لغض البصر ، وتحصين الفرج وفي معارضتها : الشهوة ، والداعي إلى النكاح وبعد النكاح : يضعف هذا المعارض فيكون أغض للبصر ، وأحصن للفرج مما إذا لم يكن فإن وقوع الفعل - مع ضعف الداعي إلى وقوعه - أندر من وقوعه مع وجود الداعي . والحوالة على الصوم لما فيه كسر الشهوة فإن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل ، تقوى بقوتها ، وتضعف بضعفها .
وقد قيل في قوله " فعليه بالصوم " بأنه إغراء للغائب ، وقد منعه قوم من أهل العربية و " الوجاء " الخصاء وجعل وجاء : نظرا إلى المعنى فإن الوجاء قاطع للفعل وعدم الشهوة قاطع له أيضا ، وهو من مجاز المشابهة .
وإخراج الحديث لمخاطبة الشباب : بناء على الغالب ; لأن أسباب قوة الداعي إلى النكاح فيه موجودة ، بخلاف الشيوخ ، والمعنى معتبر إذا وجد في الكهول والشيوخ أيضا