الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 552 - 553 ] ومن استمهل لدفع بينة ، أمهل بالاجتهاد : [ ص: 554 ] كحساب وشبهه ، بكفيل بالمال : كأن أراد إقامة ثان ، [ ص: 555 ] أو بإقامة بينة : فبحميل بالوجه . وفيها أيضا : نفيه ، وهل خلاف ، أو المراد وكيل يلازمه ، أو إن لم تعرف عينه ، تأويلات

التالي السابق


( ومن ) شهدت عليه بينة وأعذر له فيها فادعى حجة و ( استمهل ) أي طلب الإمهال والتأخير ( لدفع بينة ) شهدت عليه أو جرحت بينته ( أمهل ) بضم الهمز وكسر الهاء أي أخر وضرب له أجل ( بالاجتهاد ) من الحاكم بحسب الدعوى والمدعى فيه وتقدم [ ص: 554 ] في باب القضاء أن العمل بتفريق الأجل . عب محل كلام المصنف إن قربت بينته كجمعة وإلا قضي عليه وبقي على حجته إذا أحضرها . البناني هذا كقول ابن شاس إذا قال من قامت عليه بينة أمهلوني فلي بينة دافعة أمهل ما لم يبعد فيقضى عليه ويبقى على حجته إذا أحضرها أ هـ . وهذا لا ينافي أن المذهب عدم التحديد في الأجل ; لأن على الطالب ضررا في إمهال المطلوب مع بعد بينته ، والله أعلم .

وشبه في الإمهال بالاجتهاد فقال ( ك ) استمهال التحرير ( حساب وشبهه ) من مراجعة مكتوب عنده وسؤال غلام ونحوه ليتحقق ما يجب به ، ويمهل ( بكفيل ) أي ضامن ( بالمال ) فلا يكفي ضامن بالوجه لثبوت المال والإمهال إنما هو لدفع البينة . عب هذا راجع لما قبل الكاف فقط وأولى لقوله أنظر كما مر ، وأما ما بعدها فيكفي كفيل بالوجه على المعتمد إلا أن يحمل على ما إذا وقع طلب الإمهال لنحو الحساب بعد شهادة بينة عليه بالمال ، ويفوت المصنف حينئذ طلب الإمهال لنحو الحساب قبل إقامتها . طفى هذا راجع لما قبل الكاف كما يدل عليه تقرير تت ، وهو الصواب ، وأخره ليشبه به ، وأما في الحساب وشبيهه فحمل بالوجه كما في ابن الحاجب وابن شاس . ابن عرفة وتقييد ابن شاس تأخيره بكفيل بوجهه صواب ، ويبعد كونه اعتمد هنا قوله في توضيحه ، ولا يبعد أن يكون هذا الكفيل بالمال ا هـ . إذ لا يعتمد على ما اختاره .

وشبه في الإمهال بالاجتهاد مع كفيل بالمال فقال ( كأن ) بفتح الهمز وسكون النون حرف مصدري صلته أقام الطالب شاهدا و ( أراد ) الطالب ( إقامة ) شاهد ( ثان ) وطلب الإمهال فيمهل مع كفيل بالمطلوب بالمال ; لأن للطالب الحلف مع شاهده ، أو لأن [ ص: 555 ] المال ثبت به واليمين استظهار . البناني الأولى أنه تشبيه في الإمهال وفي لزوم كفيل بالمال ; لأنه قيد لا في أحدهما فقط ، كما يقتضيه كلام ابن مرزوق ( أو ) ادعى بمال على شخص فأنكره وطلب المدعي الإمهال ( ب ) إرادته ل ( إقامة بينة ) تشهد له بما ادعاه ( ف ) يمهل بالاجتهاد ( بحميل ) للمطلوب ( بالوجه ) كما في شهاداتها . المازري لا بالمال اتفاقا ; لأنه لم يثبت له شيء على المطلوب ( وفيها ) أي المدونة ( أيضا نفيه ) أي كفيل الوجه ، ونصها من كان بينه وبين رجل خلطة في معاملة فادعى عليه بحق فلا يجب عليه كفيل بوجهه حتى يثبت حقه ، وقال غيره إذا ثبتت الخلطة فله عليه كفيل بنفسه ليوقع البينة على عينه .

( و ) اختلف ( هل ) ما في الموضعين ( خلاف ) وهو ظاهر كلام ابن سهل ( أو وفاق ) بأحد وجهين ، أحدهما لأبي عمران ( المراد ) بكفيل الوجه الذي في شهاداتها ( وكيل يلازمه ) ; لأنه يطلق على الوكيل كفيل ، وهذا لا ينافي أنه لا يلزمه كفيل الوجه كما في الحمالات ( أو ) معنى قول غير ابن القاسم ، وكذا قول ابن القاسم في الشهادات فله عليه كفيل ( إن لم تعرف ) بضم أوله وفتح الراء ( عينه ) أي المطلوب بأن لم يكن مشهورا وأما إن كان معروفا بعينه فلا يلزمه كفيل بوجهه ; لأن البينة تسمع عليه في غيبته ، وهذا تأويل ابن يونس . في الجواب ( تأويلات ) ثلاثة . ابن عرفة وفيها من ادعى قبل رجل غصبا أو دينا واستهلاكا فإن عرف بمخالطته في معاملة أو علمت تهمته فيما ادعى قبله من التعدي والغصب نظر فيه الإمام ، فإما أحلفه له أو أخذ له كفيلا حتى يأتي بالبينة وإن لم تعلم خلطته ولا تهمته فيما ذكر فلا يعرض له . عياض بعضهم جعل له أخذ الكفيل ولم يجعله له في كتاب الكفالة ولغيره هناك كما له هنا . وقال آخرون ظاهره أخذ الكفيل بمجرد الدعوى لقوله ، وأما الدين فإن كان بينهما خلطة وإلا فلا يعرض له فدل أن الوجه الأول بخلافه .

[ ص: 556 ] عياض يحتمل أن الكفيل بمعنى الموكل به ، وقول من قال لزمه الكفيل بمجرد الدعوة غير بين ، لقوله إن كان يعرف بينهما خلطة في دين " ق " ابن يونس معنى قول غيره له عليه كفيل إذا لم يكن المدعى عليه معروفا مشهورا للطالب عليه كفيل بوجهه ليوقع البينة على عينه ، فإن كان المطلوب معروفا مشهورا فليس للطالب عليه كفيل بوجهه لأنا نسمع البينة عليه في غيبته ، وكذلك معنى قول ابن القاسم .




الخدمات العلمية