الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لست راضية عن نفسي... فكيف أتغير؟

السؤال

وأنا أكتب لكم أحس بالخجل، لأنني لست صغيرة، وعندي أبناء في المرحلة الجامعية يفوقونني بكل شيء، هذه ليست مشكلتي، بالعكس أنا فخورة بهم كثيراً.

مشكلتي دائماً أحس أني مقصرة، وقدراتي قليلة، وأني لا أستوعب بشكل جيد، بالعربي (فهمي على قدي) والأكثر من ذلك لا أستطيع أن أنسى الماضي، أحس أن أهلي ينظرون لي على أني لست مثل بقية أخواتي، يعني فيّ حقد بزيادة، الدليل على ذاك لا يمكن أن أنسى هذه الكلمة، أحسست أني شريرة.

في أول زواجي مررت بظروف صعبة، قال لي أخي هذه عقوبة، وأنا بعدما كبرت حللتها وفهمت أنها بسبب طريقة التربية التي عاشها زوجي، وأنا والله العظيم إن هذه الكلمة أثرت فيّ كثيراً، وجعلتني أكره نفسي إلى هذا اليوم، ولدي إحساس آخر يزعجني، أخجل منه وأعتبره عقوقاً، وهو جداً يتعبني، مثلاً عدم الثقة أرجعه بسبب التربية، لا أدري لو أقول السبب ستقول أنت حساسة، لأنني لا أحب هذه الكلمة من كثر ما سمعتها وأنا صغيرة، فالوالدة - الله يجزاها الجنة -مزاجية جداً، فكنت أتعب من تعاملها معي، لأنني أشعر بأني في البيت عدد زائد، آكل وأشرب فقط، وليس لي حق حتى في ترتيب غرفتي، تزوجت وأنا لا أعرف حتى عمل الشاي، ولا أعرف أتعامل مع زوجي، وقال لي مرة لولا أني أعرفك لقلت عنك يتيمة، لا أستطيع أن أنسى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوره حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فحالتك مثالية جداً لما يسمى بالفكر السلبي المعرفي، بمعنى أن النظرة السلبية تسيطر عليك، وأنت لا تنظرين أن لحياتك قيمة كبيرة، وتنظرين إلى الماضي بسوداوية شديدة، وحتى المستقبل من الواضح أن نظرتك حوله تشاؤمية، وكذلك العالم الذي حولك لا تنظرين إليه بأي نوع من الإيجابيات، هذا الفكر المعرفي السلبي هو المشكلة الأساسية التي تؤدي إلى الشعور بالإحباط والكدر والاكتئاب عند الكثير من الناس، مما يجعلهم يقيّمون أنفسهم بصورة خطأ.

العلاج يتمثل أولاً: يجب أن تعيدي تقييم نفسك، ويجب أن تكوني منصفة مع ذاتك، وأنت - الحمد لله - أم، ومنجزة، ورزقت الذرية الصالحة المتفوقة، ولابد أن لديك إيجابيات كثيرة وكثيرة جداً، فأنا حقيقة أنصحك أن تخرجي نفسك من هذا الفكر المستحوذ السلبي المشوه، وأركز على كلمة المشوه، ليس صحيحاً، وهنالك عالم نفسي اسمه أرون بيك قال: (إننا ندخل الكدر والاكتئاب على أنفسنا وذلك من خلال تفكيرنا السلبي عن نفسنا وذواتنا ومن حولنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا) إذن النظرة الإيجابية مطلوبة، وأنت تحدثت عن الماضي كثيراً، الماضي هو تجربة وعبرة، ومن ينظر إليه سلبياً يجب أن يضع في خزانة النسيان، وينظر إلى الحاضر بقوة وإلى المستقبل بأمل، وهذا هو المطلوب أيتها الفاضلة الكريمة.

أنا حقيقة أستشعر تماماً أن الاكتئاب النفسي يسيطر عليك، وأعرف أن أمر الاكتئاب لدى الكثير من النساء، وسوف يكون من الجميل جداً إذا عرضت نفسك على طبيب نفسي ليوجه لك المزيد من الإرشاد، وليعطيك العلاج اللازم، وحالتك تستجيب للعلاج بصورة ممتازة، وهنالك أدوية سليمة وفعالة جداً مثل عقار (بروزاك Prozac) والاسم العلمي هو (فلوكستين Fluoxetine) ويعرف عنه أنه مفيد جداً في علاج مثل حالتك.

أنت أيضاً مطالبة بأن تغيري من نمط حياتك، وأنت سيدة منجزة أنعم الله عليك بأمور كثيرة، ويمكن أن تؤدي أشياء أكثر في الحياة، يجب أن تستشعري قيمة نفسك، لا تحكمي على نفسك أبداً بمشاعرك السلبية، واحكمي على نفسك بإنجازاتك، واسألي الله أن يوفقك وأن يسدد خطاك.

هنالك بعض الكتب المفيدة جداً أرجو أن تطلعي عليها، لاشك أنك قد سمعت عن كتاب (لا تحزن) للشيخ الدكتور عائض القرني، وهذا كتاب سلوكي مفيد جداً، فأرجو أن تقرئيه بتمعن وتأخذي بما ورد فيه، وهنالك أيضاً كتاب (التخلص من القلق) و (كيف تبدأ حياتك) وهما أيضاً من الكتب النافعة جداً، ولاشك أن قبل كل هذا التمسك بكتاب الله فهو يزيل الكرب ويفرج الهموم، ويبعث الطمأنينة في نفسك إن شاء الله تعالى.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً